ابو طير يكتب : كلفة الاستثمار في التوتر


رم - ماهر ابو طير


أعصاب الأردنيين مشدودة طوال العام، لاعتبارات كثيرة، من بينها توتير الرأي العام، الذي لا ينقصه كل هذا التوتير، فوق الذي فيه اصلا، والامثلة على ذلك سياسية واقتصادية واجتماعية.


خذوا ملف التهجير وكيفية إدارة الأمر، وردود الفعل، إلى درجة أن التوتر وصل اعلى درجاته، وكأن التهجير سيحدث غدا، على اعتبار أن هذه البلاد لا إرادة لها أبدا، وبعض الذين وقفوا في وجه الكلام عن التهجير تورطوا بحسن نية في توتير اعصاب الأردنيين، جميعا، من خلال قدح الكلام، والتهديد، والوعيد، مع تجسير كل هذا الكلام بما يتعلق بالمساعدات الاميركية، والذي يعنيه على صعيد الاقتصاد، وما قد يتعرض له الأردن، اذا تم تجفيف المساعدات كليا او خفضها جزئيا.
الاستثمار في التوتر لا يعد عملا راشدا، وهناك فرق كبير بين الاستثمار في التوتر، وبين شرح الاخطار، وبث الطمأنينة، والتصرف بشكل واثق تماما، وتحشيد الناس نحو العدو الاصلي، وعدم استبداله بأعداء وهميين، اضافة الى اهمية مراعاة انه لا ينقصنا فوق الهموم، مبالغات مؤذية.
بعيدا عن السياسة، خذوا مثلا النشرات الجوية، حيث نمضي شهور الشتاء كل سنة، في حالة توتر شديد، لأن عدد الراصدين الجويين في الأردن، أكثر من عدد المنخفضات الجوية، والكل يدلي بدلوه، ولا احد يضبط هذه العملية، وكأننا وسط سوق مفتوح للنشرات الجوية، وكل الراصدين يتسببون بموجات هلع، نراها في الاسواق، والتزود بالطعام والوقود، في بلد يعد معتادا في الاساس على الثلج والمطر والبرد، والادهى والامر ان تتناقض هذه النشرات، فلا تعرف الفرق بين الليل والنهار.
احدهم يقول ان الثلج سيأتي فقط الى جنوب الأردن، وآخر يتحدث عن الشمال، وثالث يقول ان الثلج لن يبقي ولن يذر، وكأننا نتعرف الى الثلج لاول مرة في حياتنا، وتأتينا البلديات لتعلن جاهزيتها لفتح الطرقات والمخابز التي تقول ان ملايين الارغفة تم خطفها قبل المنخفض، ووكالات الغاز التي تقول لك اننا بعنا مليون اسطوانة، والكل يعلن حالة الطوارئ وينفخ في البوق متفاخرا بمهمات طبيعة اصلا لهذه الجهات، وليست مستجدة، او خارقة فهذا هو عملها الاساس، وليس فتحا جديدا.
توتير الرأي العام في الأردن يشمل عشرات الادلة، ويمتد الى الاقتصاد، والرياضة، ولا يترك شيئا الا ويشمله، عبر ادارة متوترة، تبالغ في التوقعات، وعبر قراءات خارج الادارة كلها تبحث عن شهرة او مجد، او تريد لفت الانتباه، من خلال التركيز على احداث عادية جدا، والنفخ فيها، واثارة اليأس والخوف والقلق، بذات الدرجة، من اسرائيل وصولا الى منخفض ثلجي، مرورا بعشرات الملفات.
لا أحد يمنع الناس من التعبير عن رأيهم، لكن هناك قضايا كثيرة، كشفت وجود انفلات على محاور مختلفة، والنتيجة الاجمالية هي شد اعصاب الأردنيين، وتوتيرهم، وادامة حالة القلق، ولحظتها لا يحق لاي احد ان يأتي ويسأل لماذا نبدو متجهمين، ولماذا نتصرف بعصبية، فقد اجتمع علينا الواقع الصعب، مع عمليات التوتير المنتجة في الغرف المغلقة، دون ادنى مسؤولية، او ادراك لقدرتنا على الاحتمال.
استثمار الادارات او الافراد في التوتر، امر يجب ان يتوقف، لأن الذي فينا يكفينا اصلا.



عدد المشاهدات : (6364)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :