الملك عبد الله الثاني صخرةٌ في مواجهة تهجير الفلسطينيين وصوتٌ صارخٌ في المحافل الدولية


رم - بقلم: ريما المعايطه

في خضم الأزمات المتلاحقة التي تواجه القضية الفلسطينية، برز موقف الملك عبد الله الثاني كحائط صدٍّ منيع أمام المخططات الرامية إلى تصفية القضية، وعلى رأسها محاولات التهجير القسري للفلسطينيين، لا سيما في قطاع غزة. فقد قاد الملك، بحكمته السياسية وحنكته الدبلوماسية، تحركاتٍ مكثفة على المستويين العربي والدولي، أثمرت عن كبح مساعي بعض الأطراف لإعادة تشكيل الواقع الديموغرافي الفلسطيني على حساب الأردن ودول الجوار.

مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة، برزت مخاوف حقيقية من محاولات فرض تهجيرٍ جماعي لسكان القطاع باتجاه سيناء، وهو السيناريو الذي لو تحقق، لكان خطوةً خطيرة نحو تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء حق العودة. وإزاء هذه التهديدات، كان موقف الأردن، بقيادة الملك عبد الله الثاني، حاسماً وقاطعاً برفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، سواء من غزة أو الضفة الغربية.

لم يكتفِ الملك بالتصريحات السياسية، بل كثّف جهوده الدبلوماسية عبر جولاتٍ شملت دولاً عربية وأوروبية، محذراً من خطورة المساس بالتركيبة السكانية الفلسطينية، ومؤكداً أن الأردن لن يكون وطناً بديلاً للفلسطينيين، وهو المبدأ الذي ظلّ ثابتاً في السياسة الأردنية منذ عقود. وقد نجح الملك في إقناع العديد من الأطراف الدولية، بمن فيهم الإدارة الأمريكية، بأن أي محاولات للتهجير ستؤدي إلى تفجير المنطقة بأكملها.

كانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد قدّمت ما عُرف بـ "صفقة القرن"، التي تضمنت بنوداً تهدد بتصفية القضية الفلسطينية، بما في ذلك تلميحات إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين خارج أراضيهم. إلا أن الموقف الأردني القوي، الذي تبلور في لقاءات الملك مع القادة العرب والأوروبيين، كان له دورٌ رئيسي في إقناع واشنطن بعدم المضي قدماً في هذا المسار.

وقد مارس الملك ضغوطاً مباشرة على الإدارة الأمريكية من خلال لقاءات مكثفة مع مسؤولين أمريكيين، مؤكداً أن أي خطوة باتجاه تهجير الفلسطينيين ستُقابل برفضٍ قاطع من الأردن والدول العربية، وستُشعل توترات لا يمكن السيطرة عليها في المنطقة. هذه الجهود أسهمت بشكلٍ واضح في دفع ترامب إلى التراجع عن فرض خطته المتعلقة بتهجير الفلسطينيين من غزة، حيث أدركت الإدارة الأمريكية أن هناك جبهة عربية موحدة تقف في وجه هذه المخططات.

لم تقتصر جهود الملك عبد الله الثاني على الجانب الأمريكي، بل امتدت إلى العواصم الأوروبية، حيث زار بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، وإيطاليا، والتقى بقادة هذه الدول لإقناعهم بضرورة الضغط على إسرائيل لوقف العدوان، ورفض أي سياسات تهجير أو توطين قسري للفلسطينيين. وقد نجح في حشد موقف أوروبي أكثر صلابة تجاه القضية الفلسطينية، تجلى في مواقف واضحة من قادة هذه الدول برفض أي تغيير قسري في التركيبة السكانية لغزة والضفة.

وفي المحافل الدولية، لم يدّخر الملك جهداً في إيصال رسالة الأردن الواضحة؛ ففي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، شدّد على ضرورة الحفاظ على حقوق الفلسطينيين، ووقف أي محاولات لطمس هويتهم الوطنية. كما كثّف الأردن، من خلال وزارة الخارجية، اتصالاته مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن لفرض ضغوط دولية على إسرائيل لوقف انتهاكاتها في الأراضي المحتلة.

إلى جانب الجهود الدبلوماسية، واصل الأردن دوره الإنساني تجاه الفلسطينيين في غزة والضفة، حيث وجّه الملك عبد الله الثاني بإرسال مساعداتٍ عاجلة للقطاع، عبر الجسر الجوي الذي نظّمه الجيش الأردني. كما أقامت المستشفيات الميدانية الأردنية نقاط إسعاف وطوارئ لمعالجة الجرحى، في رسالة واضحة بأن الأردن يقف إلى جانب الفلسطينيين في محنتهم، لا مجرد متحدث باسمهم في المحافل الدولية.

لطالما أثبت الملك عبد الله الثاني أن الأردن هو خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية، وأن المملكة لن تقبل بأي حلول تأتي على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية. فمن خلال مواقفه الصلبة، وتحركاته الدبلوماسية، ورفضه القاطع لسياسات التهجير، نجح الملك في إفشال مخططات خطيرة كانت تهدد بتصفية القضية الفلسطينية. واليوم، يواصل الأردن بقيادته الهاشمية دوره المحوري في الدفاع عن فلسطين، واضعاً نصب عينيه هدفاً واحداً: حماية الحقوق الفلسطينية وضمان حقهم المشروع في إقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني



عدد المشاهدات : (5792)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :