اللغة العربية لوحة فسيفسائية تزين أحرفها وجمال إبداعها حياة الأمة، وهي مصدر أساسي لتراث الأمة الحضاري وهويتها الحضارية.
وجاء قرار المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" رقم "30"، في مؤتمرها عام 1999، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2002، باعتبار 21 شباط من كل عام يومًا دوليًا للاحتفال "باللغة الأم" لكل الشعوب؛ للحفاظ على هويتها الوطنية، وشخصيتها الحضارية.
الرئيس التنفيذي للمشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية، بلال حسن التل، أكد أن اللغة ليست مجرد حروف تستخدم للتخاطب، فهي تعني وجود الأمة أو الشعب ومن أهم معايير تعريف الشعوب وتميزها، و دليل على حضور أمتها أو زوالها، تبني قيم ومفاهيم أبناء الأمة التي تترجم سلوكا ومواقف.
وأضاف التل، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن اللغة العربية تنفرد بالعديد من القيم و المفردات التي تشكل جدارًا حاميًا للأمة من المخاطر المحيطة بها متمثلة "بالصبر، وتبينوا واعتصموا"، وترسم حياة المجتمع والعلاقة بين مكوناته وحمايته من كل المخاطر والتحديات.
أشار إلى أن حماية الأوطان تحتاج إلى استحضار المكنون الفكري و الثقافي للغة العربية للمساهمه في مواجهة التحديات التي تحيط بالأمة.
وبين، أن الشعوب في اليوم الدولي للغة الأم، تحتفل بلغتها الأصلية لتحافظ الإنسانية على تنوعها وثرائها الثقافي والمعرفي، وليحافظ كل شعب على وجوده وهويته وخصوصيته، واحترامه لذاته، واستقلاله الوطني.
وأوضح أن اللغة من أهم ما يميز عن أمة عن أخرى، لذا تحرص غالبية الشعوب على أن يكون التعليم فيها بلغتها الأم، لرفع نسبة استيعاب طلبتها و ذكائهم، و الحفاظ على وحدتها الوطنية، والتاريخية وتبادل تجاربها و إنجازاتها في مجال التنمية المستدامة، فاللغة من مقومات النمو الاقتصادي.
بدوره، قال أستاذ اللغة العربية في الجامعة الأردنيّة، الدكتور نزار القبيلات، إن اللغة العربية ليست مجرد علم يركن للتراكيب الصوتية والصرفية ذلك لأنه علم إقناعي يقوم على بناء حجج منطقية أساسها اللغة بدءا من البنية الصوتية وحتى الدلالة التي تتعدى حدود الجملة والفقرة ذاتها.
وأضاف ولأن الأسلوب التخاطبي بين الأمم مرهون بالنطق والحروف و اللهجة وانزياحاتها فإن اللغة بذلك تصبح علامة ثقافية تشير إلى صاحبها ومصدر نشأتها وتداولها.
وأكد القبيلات، أن الأمم التي تتخلى عن لغتها يعني ذوبان لغتها واضمحلالها، ما يعني أن اللغة مصدر قومي وإعلاني يشهر هوي الأمة ويحافظ على وجودها ليس كيانا سياسيا وحسب بل بلد منتج ومتقدم وحضاري.
وبين، أن تعليم اللغة العربية يلزم أن يكون ببعد فلسفي وليس ببعد مهاري ينتهي بانتهاء الفصل الدراسي والتمكن منها يجعل الفرد قادرا على الوجود في مجالات تحتم إتقان اللغة ببعدها الحجاجي الإقناعية وليس البلاغي الجمالي وهو ما يلزم الالتفات لها عاجلا وليس آجلاً.
من جهته، قال مساعد عميد كلية التربية للعلوم الإنسانية في جامعة كركوك بالعراق، الدكتور وسام العبيدي، إن للغة العربية دورا محوريا في ترسيخ الهوية القومية والوطنية، فهي ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي وعاء للثقافة والتاريخ والقيم التي تميز الشعوب العربية، و تحفظ التراث والتاريخ، إذ تحمل اللغة العربية في مفرداتها وتراكيبها تاريخ الأمة العربية وتراثها الأدبي، ما يساعد في نقل القيم والعادات والتقاليد عبر الأجيال.
وأضاف أن اللغة عامل مشترك يجمع أفراد المجتمع تحت هوية واحدة، بغض النظر عن الاختلافات العرقية أو الطائفية، ما يعزز الانتماء للوطن.
وأكد أن اللغة درع أساسي في الحماية من الثقافات الدخيلة فتساعد في حماية المجتمع من التأثيرات الثقافية الدخيلة التي قد تضعف الهوية الوطنية، وتعزز من الاعتماد على الإنتاج الثقافي المحلي.
وأشار إلى أن اللغة تسهم في التنمية والتطور، وعندما تكون العربية لغة العلم والتعليم والإدارة، فإنها تسهم في تطوير المجتمعات وتعزز الاستقلال الفكري والثقافي.
من جهته، قال أستاذ اللغة العربية في جامعة العين بالإمارات الدكتور سالم الأقطش، إن اللغة العربية رابط يجمعنا بمن عاشوا زمانا غير زماننا، وثقافة غير ثقافتنا، وفي مجتمع غير مجتمعنا، وتبني صلة رحمٍ بيننا على اختلاف الزمان والمكان والحال.
وأضاف، أن اللغة العربية استطاعت بما حباها الله به من كثرة كاثرة في المفردات، وقدرة على التوليد والاشتقاق والتعريب من إيجاد تفاهم وتواصل مع الآخر غير العربي، فاستطاعت أن تؤلف القلوب والعقول على مائدتها الغنية، حتى بزغ نور كثير من الأدباء والشعراء من غير العرب ممن عاشوا في أكناف العرب والمسلمين ونهلوا من حضارتهم وارتضوا المقام بينهم، أمثال ابن المقفّع وبديع الزمان في النثر، وبشّار بن برد وأبي نواس ومسلم بن الوليد في الشعر، وسيبويه وأبي علي الفارسي وابن جنّي في اللغة، والزمخشري في التفسير والبلاغة، وأبي حنيفة في الفقه، وهم الذين حملوا على أكتافهم عبء اللغة العربية وطافوا بها في كل الآفاق، وما كان ذلك ليكون لولا أنهم وجدوا في الإسلام واللغة العربية منعةً وحصنا يقيهم الفرقة والتشرذم.
وأكد الاقطش، أن اللغة العربية استطاعت بما تحمله من خصائص مائزة أن تُذوّب الفروقات اللهجية بين أبناء العرب على اختلاف لهجاتهم ونطقهم وثقافاتهم، وعلى ما بينهم من فروقات لهجية قديمة، ونجحت في رتق هذا الفتق والاصطلاح على لغة عربية واحدة يتفاهمون بها على اختلاف منابتهم ومشاربهم، واصطُلح عليها باللغة العربية الفصحى التي ثبّت القرآن الكريم دعائمها وركائزها فغدت اللغة العالية المتخيّرة المنتخبة التي يستدير الجميع حول مائدتها، وقد تخيّرها العرب وانتخبوها وارتضوها لغة أدبيّة عالية تجمع شتيت كل ما تفرّق.
- -(بترا)
لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
|
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |