خوري يكتب : رمضان بين جوهر القيم ومظاهر الاستعراض


رم - في السنوات الأخيرة، باتت بعض الإفطارات الرمضانية النسائية تتحول من لحظات عائلية دافئة إلى مناسبات اجتماعية يغلب عليها الطابع الاستعراضي. فقد أصبح التركيز منصبًا على الفخامة، سواء في أماكن الإفطار أو الملابس التقليدية التي باتت أقرب إلى موضة رمضانية مكلفة، بدلًا من أن تكون تعبيرًا عن البساطة والتواصل الإنساني العميق الذي يعكس جوهر هذا الشهر.

رمضان في جوهره هو وقت العائلة، التآلف، والتواصل الحقيقي مع الأبناء، حيث كان في السابق فرصة لتجمع الأسر حول مائدة واحدة، يتبادلون الأحاديث، ويغرسون في أطفالهم قيم العطاء، الصدق، عمل الخير، والشعور بالآخرين. أما اليوم، فقد طغى الجانب الاجتماعي والمظهري على القيم الأساسية، وأصبح البعض يعيش أجواء رمضان خارج إطار العائلة، وسط تجمعات نسائية فاخرة، بينما يغيب ذلك الدفء الأسري الذي كان يميّز الشهر.

أين العائلة وصلة الرحم؟ أين مشاركة الأطفال في طقوس رمضان؟ إن أجمل ما في هذا الشهر ليس المظاهر، بل الالتزام بالمبادئ التي تجعل الإنسان أكثر صدقًا، مسؤوليةً، وتواصلًا مع من حوله. فكم من موائد عامرة يُنفق عليها ما يكفي لإطعام آلاف المحتاجين، وكم من تجمعات يغيب عنها جوهر القيم الحقيقية المتمثلة في الإنسانية، البساطة، والإحساس بالآخرين.

رمضان ليس فقط وقتًا للتجمعات، بل فرصة لمراجعة الذات، وتعزيز القيم النبيلة التي تبني مجتمعات أكثر ترابطًا، وأكثر وعيًا بالمسؤولية تجاه الآخرين. فلنجعل منه شهر الأخلاق والمبادئ الحقيقية، لا مجرد موسم للمظاهر والمناسبات.

د. طارق سامي خوري



عدد المشاهدات : (4536)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :