خالد الزبون يكتب : الفتنة تدار لا تُرتكب عشوائيا


رم - بقلم : خالد الحميد الزبون
رئيس القيادة التنفيدية
حزب تمكين -تحت التاسيس .

اليوم، اصبحنا نعيش بزمن بات فيه أي تصرف فردي أو عبارة على السوشال ميديا، تتحول لقضية رأي عام، ويندفع الجميع يحلل ويحاكم ويدافع ويهاجم، وكأننا في محكمة شعبية مفتوحة على مدار الساعة. آخر مثال حي وقريب، قصة الفتاة اللي تم توقيفها بعد تصرف مسيء تجاه الأجهزة الأمنية خلال المظاهرات الأخيرة في عمان.
الموضوع أكبر من انه مجرد حالة فردية. والمقلق أكتر، ليس هذا التصرف فحسب، بل ردود الفعل التي أتت فيما بعد . فريق دافع باسم الحرية، وفريق هاجم باسم الوطنية، وبين هذا وذاك ، ضاعت البوصلة. لكن المطلوب فهمه، إنه الفتنة لا تبدأ من فراغ، ولا تخرج من شخص لحاله. الفتنة تدار، تدار بعناية، بخبث، بذكاء، وبأجندات ليست دائما محلية.
التاريخ علمنا، والتجارب من حولنا علمتنا، إن التكتيكات اللي ظاهرها سلمي وبريء، ممكن تكون أخطر من أي عنف صريح. وتذكرنا باحداث مصر وليبيا وتونس وصربيا أيام ما كان يتم زج النساء والاطفال والشباب في مقدمة الصفوف، مش حبا بالحرية، لكن للاستفزاز، ولخلق مادة إعلامية جاهزة للشحن والتحريض وتفجير الشارع.
ببساطة، هناك جهات تفكر بالفتنة مثلما يفكر لاعب الشطرنج بخطوته القادمة . كل كلمة محسوبة، كل حركة مدروسة. والأخطر هو من هي ، عندما يكون الشخص الذي ارتكب الفعل محسوب على حزب أو تيار، وقتها لا يكون الخطأ فردي، لا بل يتم تحميله لحزب، وتكون الرسالة واضحة: في مشروع أكبر يطبخ.
هنا يأتي دور الأحزاب، الهيئة المستقلة للانتخابات إنها تذكر كل الأطراف إن الحرية مش مبرر للإساءة، وإن القانون فوق الجميع. لازم كل حزب يتحمل مسؤولية أعضاؤه، ولا يتهرب أو يبرر أو يركب الموجة. وان كان هناك تجاوزات، فالقضاء هو المكان الوحيد القادرعلى الحسم، لا السوشال ميديا ولا الرأي العام المتوتر.
وللصدق، أغلب هذه المواقف لا تأتي بالصدفة، ولا بدافع الحماسة. كثير منها يكون مبرمج، مدفوع، مرسوم، هدفه الوحيد إنه يشعل فتيل أزمة. وكل أزمة صغيرة، تتراكم، ويصبح صعب اخمادها إذا ما تنبهنا للشرارة الأولى .
جلالة الملك قبل مدة بسيطة ، بكلامه مع رفاق السلاح، وصف الذين يتلقون تعليمات من الخارج بكلمة واحده: "عيب". وفعلا، هو عيب. عيب نسمح لحالنا نكون أدوات لمعارك غيرنا، وعيب نخلي المراهقة السياسية تتحكم في مصير وطن كامل.
الخلاصة؟
الوطن ليس لعبة، والفتنة ليست زلة لسان. كل تصرف محسوب، وكل كلمة ممكن تتحول لسلاح. لازم نكون أذكى، أهدى، وأحرص على بلدنا. ولما بتصير قصة، خلوا القضاء يحكي، مش العواطف.
واذكروا دايما... الفتنة تدار، ما بتيجي عشوائي.



عدد المشاهدات : (5748)

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة رم للأنباء - أخبار عاجلة، آخر الأخبار، صور وفيدوهات للحدث. علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :