رم - د.سامي علي العموش
يحتار المرء وتصيبه الدهشة والمرارة عندما يجد وطن يحتضن الجميع بلد المهاجرين والأنصار وهو الذي وقف في كل المواقف المشرفة إلى جانب القضية الفلسطينية بكل ما يملك من إمكانيات وقدرات فالملك جندي وولي عهده وعائلته ويعملون أمام أعين الناس على إيصال كل ما هو ممكن ومساعدة الشعب الفلسطيني في محنته وقفة رجل واحد ويد واحدة تصافح بقوة وتقول كلمة الحق عندما امتنع الكثير عن النطق بها فكان للأردن موقف يدفع ثمنه بقوميته وشعبيته وقد هُوجِمَ وحُرّفَ الموقف الأردني وأتهم وتحمل أكثر مما يجب، لكن هناك حدود يجب أن نعرفها ويعلمها الجميع فلا مساومة على الوطن بأي شكل من الأشكال فالأردنيين يختلفون ويتفقون في كثير من القضايا إلا إن قضية الوطن تعلو فوق كل اعتبار وعندها تتلاشى الخلافات لتظهر صورة الوطن وصورة الأردن الحقيقي، وهنا ليس من باب التجيش ولكن من باب الحقائق فالأردن على مدى القضية وهو الرئة والمتنفس للشعب الفلسطيني ومدارسه ومعاهده وجامعاته مفتوحة وقد أعطى شرعية وحرية التنقل من خلال سواء الجوازات المؤقتة والدائمة التي تساعد الناس في السفر والترحال وليس منا من لا يؤمن بعدالة وجدية القضية لكن ما يحدث الآن قد تجاوز حدود المعقول ولنا في الدول المجاورة التجارب الكثيرة فالشر من شرارة، ولننظر بعمق كيف بدأت هذه الأمور؟ وكثيرًا ما كنت أسمع بأنهم يحملون كلمة الأردن بلد الأمن والأمان وكأنها قضية سهلة وفقط يمكن تداولها بالكلمات ولكن عندما تتعمق بالفهم الدقيق تجد بأن هناك تكاليف باهظة يدفعها الأردن بجيشه وأجهزته الأمنية والذي يواصل الليل بالنهار حتى تصبح الكلمة حقاً وحقيقة بلد أمن وأمان، وإن ما يغيظني أن تجد من يتغطى بالشعارات سواء الدينية أو الوطنية لتمرير كثير من الأمور التي تتعلق بأمن واستقرار البلاد، وكثيرًا ما علمتني الحياة بأن لا ننظر إلى دموع عينيه ولكن ننظر إلى فعل يديه، هذه مقدمة لأقول بأن التساهل والتعامل المرن مع القضايا التي تمس الوطن يجب أن تكون خط أحمر وبأن من يتجاوزها لابد وأن يدفع الثمن وأن يكون العقاب مزلزلًا، فالوطن يستحق منا الكثير ويستحق الكثير ونعتز ونفاخر الدنيا في جيشنا وأجهزتنا الأمنية، وإن ما تم مشاهدته لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال فهو عمل إجرامي ينطوي تحت اسم الإرهاب، وهنا أؤكد على كلمة الإرهاب وخصوصاً ونحن عندما نستعرض أسماء المتهمين نجد بأنهم جميعًا من الجامعيين والمستفيدين من خيرات هذا البلد ولو حدث ذلك في إحدى الدول العربية المجاورة لكان العقاب واضحًا وصريحًا بالنفي والتشريد ولن يبقى لهم باقية ولنضرب مثلًا ما حدث في الكويت على سبيل الذكر لا الحصر ودول عربية أخرى منعت هذا التنظيم وأوقفته من جذوره، وأقول لا وألف لا عندما يتعلق الأمر بأمن واستقرار الأردن ولنستعرض حقيقة واحدة ونسأل هذا التنظيم ماذا فعلت الأردن بكم؟ وما هو ذنبها؟ وما هو جزاؤها؟ هذه أسئلة تتطلب برسم الإجابة، ثم إننا نعلم بأن الأحزاب دائماً تأتي معبرة عن الدولة وعن هم المواطن وألا تكون بتوجيه خارجي وتتلقى المعدات والمعونات من الخارج، قل لي بالله ما هذا التنظيم؟ وماذا يريدون من الأردن؟ إنه شيء مقزز فلا يوجد دولة في العالم تسمح لتنظيم حزبي أن يمارس مهام الدولة وأنت تعلم وأنا أعلم بأن التوجيه خارجي ويتلقى الدعم والمؤازرة من جهات دولية أو إقليمية وهنيئاً لبعض الدول التي وضعت حداً وقالت لا وقد دفعت الثمن إلا أنها في النهاية حققت استقرارا داخلياً وانعكس على مختلف أنشطتها، فالتهاون مع مثل هذه التنظيمات يضعف نسيج الدولة وموقفها، وهنا بعد هذا الوضوح يجب أن يكون هناك قرارات واضحة وقد تكون مؤلمة إلا أنه لابد منها حتى تستمر الحياة ويبقى الأردن واحة أمن وأمان وأن يكون أول التنظيم وآخره إن بقي من النفس الأردني والهم الأردني وألا تحكمه أية أجندة خارجية، حفظ الله الأردن وحفظ أمنه واستقراره وبوركت السواعد والعيون الساهرة التي لا تنام كما يدعي البعض.