رم - بقلم سالم أحمد الحوراني
في قلب الشرق الأوسط، حيث تتقاطع الحضارات وتتنازع الجغرافيا، ينهض الأردن شامخًا كرمزٍ للكرامة والصمود، وكمساحة من المحبة والانتماء، لا يعرف فيها الأردني إلا أن يكون عروبيًا بامتياز، متمسكًا بثوابته، معتزًا بعروبته، وفيًا لوطنه.
حبّ الأردن لا يُختزل في كلمات، بل يُعاش. هو ذاك الشعور المتجذر في الوجدان، الذي يجعل الأردني يقف بإباء أمام التحديات، ويفتح قلبه لكل شقيق عربي، ويُحسن الوفادة دون منّة. حبّ الأردن يتجلى في الأحياء القديمة، في المقاهي الشعبية، في أحاديث الكهول، وفي عيون الشباب الحالمين بغدٍ أجمل. هو ذاك النشيد الذي يردده الأردني كل صباح، حين يرفع راية وطنه ويعاهد ترابه بأن يكون له سندًا، لا يفرّط، لا يتنازل، ولا ينكسر.
أما روح الأردن، فهي العروبة.
منذ نشأته، حمل الأردن على عاتقه مسؤولية الدفاع عن قضايا الأمة، وعلى رأسها قضية فلسطين، التي لم تكن يومًا بعيدة عن وجدانه. لم يُقفل الأردن حدوده أمام لاجئ، ولم يتوانَ عن تقديم العون لشقيق، ولم يسمح لفتنة أن تفرّق أبناء العروبة على أرضه. هذه الروح العروبية ليست مجرد شعارات، بل ممارسة يومية في السياسة، والمجتمع، والتعليم، وحتى في الفن والثقافة.
في الأردن، الهوية الوطنية لا تتناقض مع الهوية القومية، بل تتكامل معها. فالأردني عربي بالدم والانتماء، يرى في وحدة العرب قوة، وفي تفرّقهم ضعفًا. يحلم بأمة واحدة، رغم الجراح والانقسامات. يُؤمن أن نهوض الأردن لا يكتمل إلا بنهضة المشرق والمغرب العربي، وأن ما يربط شعوب هذه الأمة أعمق من الحدود، وأقوى من الجغرافيا.
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة لتجديد العهد مع وطننا.
نحتاج أن نُعيد تعريف حبّ الأردن من خلال العمل، لا القول؛ من خلال الإخلاص، لا الشعارات؛ من خلال أن نُربي أبناءنا على القيم الأردنية الأصيلة: الكرامة، الصدق، والانتماء. ونحتاج أن نغرس فيهم روح العروبة الحقة، التي ترى في فلسطين قضيتنا، وفي سوريا جرحنا، وفي العراق نبضنا، وفي اليمن قلبنا، وفي كل شقيق عربي، قطعة منّا.
الأردن، هذا البلد الذي ضاقت به الجغرافيا واتسع به القلب، هو قصة عشقٍ لا تنتهي.
هو الأرض التي تعلّمك كيف تحب دون شروط، وكيف تكون عربيًا دون أن تُنسى. وفي زمن التفكك والتمزق، يبقى الأردن بصموده وحكمته، منارة لكل الحالمين بوطن عربي واحد، تسكنه كرامة الإنسان، وتُصان فيه الهُوية، ويُحترم فيه التاريخ.
فلنُحبّ الأردن كما يستحق، ولنبقَ على عهد العروبة ما حيينا.