بقلم : كريستين حنا نصر
اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2000م وفي جلستها المنعقدة لمناقشة السياسات والبرامج المتعلقة بالشباب قرارها باعلان 12 آب/ أغسطس من كل عام ليكون (يوم الشباب الدولي)، كطريقة يقصد بها زيادة التوعية الشاملة بين صفوف الشباب في العالم، خاصة أن هذه الفئة تشكل نسبة كبيرة، فحسب إحصائيات هيئة الأمم المتحدة فإنه يوجد هناك 1.2 مليار شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، يمثلون 16 بالمئة من سكان العالم، وهم مورد بشري وطاقة مهمة في تحريك عجلة الاقتصاد والتنمية، لذا يجب تخصيص مساحة مناسبة في البرامج والخطط لتطوير مهاراتهم.
ومناسبة اليوم الدولي للشباب لهذا العام تتزامن مع مرحلة طموح واستحقاق انتخابي برلماني للشباب الاردني ، حيث يعتبر المجتمع الأردني مجتمع فتي يشكل الشباب ما بين 12و30 عاماً ما نسبته 36% من السكان، تحتاج منّا الى وقفة جادة نعيد فيها تقييم خططنا وبرامجنا الموجهة نحو الشباب، وفي وقت مهم في هذه الفترة، ونحن على أعتاب استحقاق انتخابي برلماني قريب في شهر ايلول القادم، يليه انتخابات بلدية ومجالس محافظات (اللامركزية)، يشكل فيها جمهور الشباب نسبة كبيرة في فعالياتها سواء من باب الترشح أو الانتخاب(التصويت)، وما يميز هذه المرحلة الانتخابية أنها تأتي ضمن مرحلة الاصلاحات السياسية الجديدة بما فيها مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والتي جاءت بتوجيهات ملكية سامية تتصل بضرورة الاصلاح السياسي والاقتصادي الوطني، بما في يكفل مشاركة الشباب والمرأة في الحياة السياسية، لتصبح هذه التوجيهات الملكية والمتطابقة مع الآمال الشعبية قانون نافذ، بعد أن مرّ في مراحله التشريعية ومناقشاته بين اللجان المتخصصة في الحكومة ومجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان، حيث ضمن زيادة نسبة مشاركة كل من الشباب والمرأة، مشترطاً على الأحزاب أن تخصص لهذه الفئة نسبة 20 بالمئة على الأقل ضمن القوائم المؤسسة للحزب ، كذلك أن يكون في كل قائمة حزبية ستخوض الانتخابات مرشح أو مرشحة دون عمر 35 سنة وضمن أول خمس مرشحين فيها، وهو أمر يزيد من دور الشباب والمرأة والتي وصلت مشاركتها حوالي 20بالمئة من المقاعد( 18 كوتا، ومن أول ثلاث مرشحين في القائمة الحزبية)، والسؤال الذي يتبادر للذهن هو بالرغم من هذه التشريعات فهل الشباب الأردني جاهز وحاضر لخوض الحياة السياسية والانتخابات البرلمانية؟
إن مجال الانتخابات والحياة الحزبية والسياسية تمثل تجربة مهمة للشباب في الاردن، وعلى الرغم من أن النجاح فيها يتطلب الخبرة إلا أن ذلك لا يمنع من ضرورة تمكين الشباب بحصولهم على تربية سياسية تمكنهم لاحقاً من الحصول على الخبرة والدراية، فالقاعدة المنطقية تقول شباب اليوم هم صناع المستقبل وقادة التغيير والعمل السياسي، كما يجدر ادراك مسألة مهمة وهي أن العمل الحزبي في الاردن يحتاج للكثير، فمع أن الاحزاب عُرفت في الساحة الوطنية منذ فترة مبكرة من سبقت تاريخ تأسيس الامارة وخلالها ولاحقاً ضمن تاريخ المملكة، إلا أن فترة انقطاع وتوقف العمل الحزبي في الاردن بسبب ظروف سياسية طارئة ( ما بين 1957-1989م)، كان لها تأثيرها إضافة الى بروز أحزاب معينة مثل حزب الاخوان المسلمين، والذي كان له النصيب الأكبر في الخبرة السياسية والمقاعد البرلمانية، بينما غابت الاحزاب الاخرى عن المشهد السياسي.
وبالمحصلة الشباب يحتاج للخبرة والممارسة السياسية العملية، وقد وفرت لهم التشريعات والقوانين ومرحلة الاصلاح الحالية قاعدة محفزة للحصول على الخبرة والمشاركة بشكل فعّال في الانتخابات، وهذه فرصة يجب استثمارها والبناء عليها وتدعيمها بالبرامج والاستراتيجيات المدروسة والتي تكفل إمكانية تحقيق استحقاقات ونتائج أكثر فأكثر في العمل السياسي الوطني، ولكن هذه البيئة السياسية المعنية بالشباب تواجه تحديات يجب الوقوف عليها، أبرزها الوضع الاقتصادي المرتبط عموماً بالازمة الاقتصادية العالمية، وارتفاع نسب البطالة بين الشباب واضطرارهم للعمل أن توفر أساساً، في مهن وأعمال لا تتناسب مع محصلاتهم الأكاديمية، الأمر الذي يزيد من أعباء الاسر وتحملهم مشقة الانفاق على الشباب، والتي ازدادت تكاليفها وثقلها مع التطورات والأزمات والحروب الدائرة إضافة الى النتائج التراكمية المترتبة حتى اليوم على أزمة وباء كورونا، وجميعها تحديات تقود الشباب لليأس والاحباط وعدم قدرتهم مستقبلاً على الزواج وتكوين اسرة وربما توقعهم فريسة للمخدرات وغيرها، وهنا تجدر الاشارة الى أن هناك حاجة ملحة للتغلب على ثقافة العيب من جهة واعادة النظر في ضرورة توعية الشباب لدراسة التخصصات المهنية وعدم حصر توجهاتهم نحو التعليم الاكاديمي التقليدي، وتهيئتهم التعليمية والتربوية قبل مرحلة التوجيهي بسنوات.
ان مسألة العناية بالشباب أولوية وطنية وتحظى بتوجيهات ومبادرات ملكية هاشمية، فمثلاً مبادرات جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في إطار دعم الشباب وتهيئة الظروف اللازمة للابداع والتطور، منها الأوراق النقاشية وحديث جلالته فيها عن ضرورة ايجاد بيئة تعليمية وديمقراطية، وجائزة الملك عبدالله الثاني للياقة البدنية، وصندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، وجائزة الملك عبدالله للإنجاز والإبداع الشبابي وبرنامج التمكين الديمقراطي وهيئة شباب كلنا الأردن، وعلى نهج جلالته جاءت مبادرات سمو ولي العهد الامير الحسين بن عبد الله الثاني مثل مبادرة (حقق)، ومبادرة(ض)، ومبادرة( مسار)، كما استضاف الأردن برئاسة سموه عام 2015م المؤتمر العالمي للشباب والسلام والأمن وأصدر المشاركون فيه (إعلان عمّان حول الشباب والسلام والأمن)، وتجسيداً لهذا الاهتمام والحرص الملكي على توعية وتثقيف الشباب جاءت برامج مثل برنامج الزمالة البرلمانية والذي يقوم عليه صندوق الملك عبد الله للتنمية، وهذا البرنامج لتوسيع قاعدة المهارات والقدرات بالمجال التشريعي والرقابي عند الشباب، وهناك تجارب انتخابية مفيدة تتمثل في المجالس الطلابية في المدارس والجامعات، اضافة الى انتشار الكثير من المؤسسات الرسمية والأهلية والبرامج المعنية بالشباب وتوعيتهم في كافة المجالات.
ان رسالتي الوطنية في المقال وفي يوم الشباب الدولي هي زيادة الاهتمام بالشباب الاردني، وضمن جهود عمل الفريق الواحد، أي بشكل تكاملي تتضافر فيه جهود الجميع من الاسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع بكل مكوناته، في وقت تشكل فيه الرقمنة والتكنولوجيا فرصة ومنحة تساعد في تعميم ونشر الوعي بين الشباب وتوجيههم نحو كل عمل وفعالية تنهض بالوطن وتخدم مصالحه.
بقلم : كريستين حنا نصر
اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2000م وفي جلستها المنعقدة لمناقشة السياسات والبرامج المتعلقة بالشباب قرارها باعلان 12 آب/ أغسطس من كل عام ليكون (يوم الشباب الدولي)، كطريقة يقصد بها زيادة التوعية الشاملة بين صفوف الشباب في العالم، خاصة أن هذه الفئة تشكل نسبة كبيرة، فحسب إحصائيات هيئة الأمم المتحدة فإنه يوجد هناك 1.2 مليار شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، يمثلون 16 بالمئة من سكان العالم، وهم مورد بشري وطاقة مهمة في تحريك عجلة الاقتصاد والتنمية، لذا يجب تخصيص مساحة مناسبة في البرامج والخطط لتطوير مهاراتهم.
ومناسبة اليوم الدولي للشباب لهذا العام تتزامن مع مرحلة طموح واستحقاق انتخابي برلماني للشباب الاردني ، حيث يعتبر المجتمع الأردني مجتمع فتي يشكل الشباب ما بين 12و30 عاماً ما نسبته 36% من السكان، تحتاج منّا الى وقفة جادة نعيد فيها تقييم خططنا وبرامجنا الموجهة نحو الشباب، وفي وقت مهم في هذه الفترة، ونحن على أعتاب استحقاق انتخابي برلماني قريب في شهر ايلول القادم، يليه انتخابات بلدية ومجالس محافظات (اللامركزية)، يشكل فيها جمهور الشباب نسبة كبيرة في فعالياتها سواء من باب الترشح أو الانتخاب(التصويت)، وما يميز هذه المرحلة الانتخابية أنها تأتي ضمن مرحلة الاصلاحات السياسية الجديدة بما فيها مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والتي جاءت بتوجيهات ملكية سامية تتصل بضرورة الاصلاح السياسي والاقتصادي الوطني، بما في يكفل مشاركة الشباب والمرأة في الحياة السياسية، لتصبح هذه التوجيهات الملكية والمتطابقة مع الآمال الشعبية قانون نافذ، بعد أن مرّ في مراحله التشريعية ومناقشاته بين اللجان المتخصصة في الحكومة ومجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان، حيث ضمن زيادة نسبة مشاركة كل من الشباب والمرأة، مشترطاً على الأحزاب أن تخصص لهذه الفئة نسبة 20 بالمئة على الأقل ضمن القوائم المؤسسة للحزب ، كذلك أن يكون في كل قائمة حزبية ستخوض الانتخابات مرشح أو مرشحة دون عمر 35 سنة وضمن أول خمس مرشحين فيها، وهو أمر يزيد من دور الشباب والمرأة والتي وصلت مشاركتها حوالي 20بالمئة من المقاعد( 18 كوتا، ومن أول ثلاث مرشحين في القائمة الحزبية)، والسؤال الذي يتبادر للذهن هو بالرغم من هذه التشريعات فهل الشباب الأردني جاهز وحاضر لخوض الحياة السياسية والانتخابات البرلمانية؟
إن مجال الانتخابات والحياة الحزبية والسياسية تمثل تجربة مهمة للشباب في الاردن، وعلى الرغم من أن النجاح فيها يتطلب الخبرة إلا أن ذلك لا يمنع من ضرورة تمكين الشباب بحصولهم على تربية سياسية تمكنهم لاحقاً من الحصول على الخبرة والدراية، فالقاعدة المنطقية تقول شباب اليوم هم صناع المستقبل وقادة التغيير والعمل السياسي، كما يجدر ادراك مسألة مهمة وهي أن العمل الحزبي في الاردن يحتاج للكثير، فمع أن الاحزاب عُرفت في الساحة الوطنية منذ فترة مبكرة من سبقت تاريخ تأسيس الامارة وخلالها ولاحقاً ضمن تاريخ المملكة، إلا أن فترة انقطاع وتوقف العمل الحزبي في الاردن بسبب ظروف سياسية طارئة ( ما بين 1957-1989م)، كان لها تأثيرها إضافة الى بروز أحزاب معينة مثل حزب الاخوان المسلمين، والذي كان له النصيب الأكبر في الخبرة السياسية والمقاعد البرلمانية، بينما غابت الاحزاب الاخرى عن المشهد السياسي.
وبالمحصلة الشباب يحتاج للخبرة والممارسة السياسية العملية، وقد وفرت لهم التشريعات والقوانين ومرحلة الاصلاح الحالية قاعدة محفزة للحصول على الخبرة والمشاركة بشكل فعّال في الانتخابات، وهذه فرصة يجب استثمارها والبناء عليها وتدعيمها بالبرامج والاستراتيجيات المدروسة والتي تكفل إمكانية تحقيق استحقاقات ونتائج أكثر فأكثر في العمل السياسي الوطني، ولكن هذه البيئة السياسية المعنية بالشباب تواجه تحديات يجب الوقوف عليها، أبرزها الوضع الاقتصادي المرتبط عموماً بالازمة الاقتصادية العالمية، وارتفاع نسب البطالة بين الشباب واضطرارهم للعمل أن توفر أساساً، في مهن وأعمال لا تتناسب مع محصلاتهم الأكاديمية، الأمر الذي يزيد من أعباء الاسر وتحملهم مشقة الانفاق على الشباب، والتي ازدادت تكاليفها وثقلها مع التطورات والأزمات والحروب الدائرة إضافة الى النتائج التراكمية المترتبة حتى اليوم على أزمة وباء كورونا، وجميعها تحديات تقود الشباب لليأس والاحباط وعدم قدرتهم مستقبلاً على الزواج وتكوين اسرة وربما توقعهم فريسة للمخدرات وغيرها، وهنا تجدر الاشارة الى أن هناك حاجة ملحة للتغلب على ثقافة العيب من جهة واعادة النظر في ضرورة توعية الشباب لدراسة التخصصات المهنية وعدم حصر توجهاتهم نحو التعليم الاكاديمي التقليدي، وتهيئتهم التعليمية والتربوية قبل مرحلة التوجيهي بسنوات.
ان مسألة العناية بالشباب أولوية وطنية وتحظى بتوجيهات ومبادرات ملكية هاشمية، فمثلاً مبادرات جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في إطار دعم الشباب وتهيئة الظروف اللازمة للابداع والتطور، منها الأوراق النقاشية وحديث جلالته فيها عن ضرورة ايجاد بيئة تعليمية وديمقراطية، وجائزة الملك عبدالله الثاني للياقة البدنية، وصندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، وجائزة الملك عبدالله للإنجاز والإبداع الشبابي وبرنامج التمكين الديمقراطي وهيئة شباب كلنا الأردن، وعلى نهج جلالته جاءت مبادرات سمو ولي العهد الامير الحسين بن عبد الله الثاني مثل مبادرة (حقق)، ومبادرة(ض)، ومبادرة( مسار)، كما استضاف الأردن برئاسة سموه عام 2015م المؤتمر العالمي للشباب والسلام والأمن وأصدر المشاركون فيه (إعلان عمّان حول الشباب والسلام والأمن)، وتجسيداً لهذا الاهتمام والحرص الملكي على توعية وتثقيف الشباب جاءت برامج مثل برنامج الزمالة البرلمانية والذي يقوم عليه صندوق الملك عبد الله للتنمية، وهذا البرنامج لتوسيع قاعدة المهارات والقدرات بالمجال التشريعي والرقابي عند الشباب، وهناك تجارب انتخابية مفيدة تتمثل في المجالس الطلابية في المدارس والجامعات، اضافة الى انتشار الكثير من المؤسسات الرسمية والأهلية والبرامج المعنية بالشباب وتوعيتهم في كافة المجالات.
ان رسالتي الوطنية في المقال وفي يوم الشباب الدولي هي زيادة الاهتمام بالشباب الاردني، وضمن جهود عمل الفريق الواحد، أي بشكل تكاملي تتضافر فيه جهود الجميع من الاسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع بكل مكوناته، في وقت تشكل فيه الرقمنة والتكنولوجيا فرصة ومنحة تساعد في تعميم ونشر الوعي بين الشباب وتوجيههم نحو كل عمل وفعالية تنهض بالوطن وتخدم مصالحه.
بقلم : كريستين حنا نصر
اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2000م وفي جلستها المنعقدة لمناقشة السياسات والبرامج المتعلقة بالشباب قرارها باعلان 12 آب/ أغسطس من كل عام ليكون (يوم الشباب الدولي)، كطريقة يقصد بها زيادة التوعية الشاملة بين صفوف الشباب في العالم، خاصة أن هذه الفئة تشكل نسبة كبيرة، فحسب إحصائيات هيئة الأمم المتحدة فإنه يوجد هناك 1.2 مليار شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، يمثلون 16 بالمئة من سكان العالم، وهم مورد بشري وطاقة مهمة في تحريك عجلة الاقتصاد والتنمية، لذا يجب تخصيص مساحة مناسبة في البرامج والخطط لتطوير مهاراتهم.
ومناسبة اليوم الدولي للشباب لهذا العام تتزامن مع مرحلة طموح واستحقاق انتخابي برلماني للشباب الاردني ، حيث يعتبر المجتمع الأردني مجتمع فتي يشكل الشباب ما بين 12و30 عاماً ما نسبته 36% من السكان، تحتاج منّا الى وقفة جادة نعيد فيها تقييم خططنا وبرامجنا الموجهة نحو الشباب، وفي وقت مهم في هذه الفترة، ونحن على أعتاب استحقاق انتخابي برلماني قريب في شهر ايلول القادم، يليه انتخابات بلدية ومجالس محافظات (اللامركزية)، يشكل فيها جمهور الشباب نسبة كبيرة في فعالياتها سواء من باب الترشح أو الانتخاب(التصويت)، وما يميز هذه المرحلة الانتخابية أنها تأتي ضمن مرحلة الاصلاحات السياسية الجديدة بما فيها مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والتي جاءت بتوجيهات ملكية سامية تتصل بضرورة الاصلاح السياسي والاقتصادي الوطني، بما في يكفل مشاركة الشباب والمرأة في الحياة السياسية، لتصبح هذه التوجيهات الملكية والمتطابقة مع الآمال الشعبية قانون نافذ، بعد أن مرّ في مراحله التشريعية ومناقشاته بين اللجان المتخصصة في الحكومة ومجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان، حيث ضمن زيادة نسبة مشاركة كل من الشباب والمرأة، مشترطاً على الأحزاب أن تخصص لهذه الفئة نسبة 20 بالمئة على الأقل ضمن القوائم المؤسسة للحزب ، كذلك أن يكون في كل قائمة حزبية ستخوض الانتخابات مرشح أو مرشحة دون عمر 35 سنة وضمن أول خمس مرشحين فيها، وهو أمر يزيد من دور الشباب والمرأة والتي وصلت مشاركتها حوالي 20بالمئة من المقاعد( 18 كوتا، ومن أول ثلاث مرشحين في القائمة الحزبية)، والسؤال الذي يتبادر للذهن هو بالرغم من هذه التشريعات فهل الشباب الأردني جاهز وحاضر لخوض الحياة السياسية والانتخابات البرلمانية؟
إن مجال الانتخابات والحياة الحزبية والسياسية تمثل تجربة مهمة للشباب في الاردن، وعلى الرغم من أن النجاح فيها يتطلب الخبرة إلا أن ذلك لا يمنع من ضرورة تمكين الشباب بحصولهم على تربية سياسية تمكنهم لاحقاً من الحصول على الخبرة والدراية، فالقاعدة المنطقية تقول شباب اليوم هم صناع المستقبل وقادة التغيير والعمل السياسي، كما يجدر ادراك مسألة مهمة وهي أن العمل الحزبي في الاردن يحتاج للكثير، فمع أن الاحزاب عُرفت في الساحة الوطنية منذ فترة مبكرة من سبقت تاريخ تأسيس الامارة وخلالها ولاحقاً ضمن تاريخ المملكة، إلا أن فترة انقطاع وتوقف العمل الحزبي في الاردن بسبب ظروف سياسية طارئة ( ما بين 1957-1989م)، كان لها تأثيرها إضافة الى بروز أحزاب معينة مثل حزب الاخوان المسلمين، والذي كان له النصيب الأكبر في الخبرة السياسية والمقاعد البرلمانية، بينما غابت الاحزاب الاخرى عن المشهد السياسي.
وبالمحصلة الشباب يحتاج للخبرة والممارسة السياسية العملية، وقد وفرت لهم التشريعات والقوانين ومرحلة الاصلاح الحالية قاعدة محفزة للحصول على الخبرة والمشاركة بشكل فعّال في الانتخابات، وهذه فرصة يجب استثمارها والبناء عليها وتدعيمها بالبرامج والاستراتيجيات المدروسة والتي تكفل إمكانية تحقيق استحقاقات ونتائج أكثر فأكثر في العمل السياسي الوطني، ولكن هذه البيئة السياسية المعنية بالشباب تواجه تحديات يجب الوقوف عليها، أبرزها الوضع الاقتصادي المرتبط عموماً بالازمة الاقتصادية العالمية، وارتفاع نسب البطالة بين الشباب واضطرارهم للعمل أن توفر أساساً، في مهن وأعمال لا تتناسب مع محصلاتهم الأكاديمية، الأمر الذي يزيد من أعباء الاسر وتحملهم مشقة الانفاق على الشباب، والتي ازدادت تكاليفها وثقلها مع التطورات والأزمات والحروب الدائرة إضافة الى النتائج التراكمية المترتبة حتى اليوم على أزمة وباء كورونا، وجميعها تحديات تقود الشباب لليأس والاحباط وعدم قدرتهم مستقبلاً على الزواج وتكوين اسرة وربما توقعهم فريسة للمخدرات وغيرها، وهنا تجدر الاشارة الى أن هناك حاجة ملحة للتغلب على ثقافة العيب من جهة واعادة النظر في ضرورة توعية الشباب لدراسة التخصصات المهنية وعدم حصر توجهاتهم نحو التعليم الاكاديمي التقليدي، وتهيئتهم التعليمية والتربوية قبل مرحلة التوجيهي بسنوات.
ان مسألة العناية بالشباب أولوية وطنية وتحظى بتوجيهات ومبادرات ملكية هاشمية، فمثلاً مبادرات جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في إطار دعم الشباب وتهيئة الظروف اللازمة للابداع والتطور، منها الأوراق النقاشية وحديث جلالته فيها عن ضرورة ايجاد بيئة تعليمية وديمقراطية، وجائزة الملك عبدالله الثاني للياقة البدنية، وصندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، وجائزة الملك عبدالله للإنجاز والإبداع الشبابي وبرنامج التمكين الديمقراطي وهيئة شباب كلنا الأردن، وعلى نهج جلالته جاءت مبادرات سمو ولي العهد الامير الحسين بن عبد الله الثاني مثل مبادرة (حقق)، ومبادرة(ض)، ومبادرة( مسار)، كما استضاف الأردن برئاسة سموه عام 2015م المؤتمر العالمي للشباب والسلام والأمن وأصدر المشاركون فيه (إعلان عمّان حول الشباب والسلام والأمن)، وتجسيداً لهذا الاهتمام والحرص الملكي على توعية وتثقيف الشباب جاءت برامج مثل برنامج الزمالة البرلمانية والذي يقوم عليه صندوق الملك عبد الله للتنمية، وهذا البرنامج لتوسيع قاعدة المهارات والقدرات بالمجال التشريعي والرقابي عند الشباب، وهناك تجارب انتخابية مفيدة تتمثل في المجالس الطلابية في المدارس والجامعات، اضافة الى انتشار الكثير من المؤسسات الرسمية والأهلية والبرامج المعنية بالشباب وتوعيتهم في كافة المجالات.
ان رسالتي الوطنية في المقال وفي يوم الشباب الدولي هي زيادة الاهتمام بالشباب الاردني، وضمن جهود عمل الفريق الواحد، أي بشكل تكاملي تتضافر فيه جهود الجميع من الاسرة والمدرسة والجامعة والمجتمع بكل مكوناته، في وقت تشكل فيه الرقمنة والتكنولوجيا فرصة ومنحة تساعد في تعميم ونشر الوعي بين الشباب وتوجيههم نحو كل عمل وفعالية تنهض بالوطن وتخدم مصالحه.
التعليقات