اقترب يوم العاشر من شهر أيلول المقبل، حيث سيتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس النواب العشرين على مستوى الدوائر المحلية والدائرة الانتخابية العامة، لتنتهي بذلك مراحل العملية الانتخابية بانتظار إعلان النتائج النهائية من قبل مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب ونشرها في الجريدة الرسمية، لكي يبدأ العمر الدستوري لمجلس النواب الجديد.
وإن كانت الانتخابات القادمة ستُجرى بموجب قانون انتخاب جديد أجمعت عليه القوى السياسية والحزبية التي شاركت في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في عام 2021، إلا أن قياس نجاح هذه التجربة يعتمد على عوامل مختلفة أهمها نتائج الانتخابات المقبلة وقدرتها على إيصال نواب يحملون أفكارا وبرامج وطنية مشتركة، سواء من خلال الأحزاب السياسية التي ستتنافس فيما بينها على مقاعد الدائرة الانتخابية العامة، أو القوائم المحلية التي يفترض بها أن تستمر في تكتلها بعد إعلان فوز أعضائها ووصولهم إلى المجلس النيابي القادم.
وتبقى مخرجات الانتخابات المقبلة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسلوك الانتخابي لكل من المترشحين الذين أعلنوا رغبتهم في تمثيل دوائرهم الانتخابية في السلطة التشريعية، والناخبين الذين سيقومون باختيار ممثليهم لممارسة السلطة باسمهم ونيابة عنهم للسنوات الأربعة القادمة.
ومن خلال متابعة مراحل العملية الانتخابية كما أدارتها الهيئة المستقلة للانتخاب بجدارة ومهنية عالية، نجد بأن السلوك الانتخابي قد شهد تغيرا نسبيا طفيفا بالنسبة لطرفي العملية الانتخابية؛ المترشحون والناخبون. فعملية الترشح للانتخابات القادمة قد بقيت محكومة بالإجماع العشائري على مرشح معين دون غيره، وكانت الانتخابات الداخلية هي السمة الأبرز في عملية المفاضلة بين عدد من أفراد العشيرة أو المنطقة الجغرافية الذين أعلنوا رغبتهم في خوض غمار الانتخابات المقبلة.
وبعد أن حصل المرشح على إجماع عشائري ومناطقي بدأت رحلته في البحث عن أفراد آخرين يشاركونه القائمة الانتخابية المحلية، وهي عملية لم تكن سهلة بالنسبة لمعظم المترشحين الذين كانت حساباتهم الانتخابية ومدى استفادتهم من باقي المترشحين في القائمة هي الأساس في قبول التكتل الانتخابي من عدمه. فالقوائم الانتخابية المتنافسة على مقاعد الدوائر المحلية قد تشكلت من القاع إلى القمة وليس بالعكس، مما أدى إلى انعدام الثقة بين معظم المترشحين فيها، وظهر جليا العمل الفردي لكل مترشح على حساب الجهد الكتلوي الجماعي.
كما استمر النهج الانتخابي القديم في مرحلة الدعاية الانتخابية، إذ بقيت صفة التفرد بين المترشحين في الإعلان عن أنفسهم من خلال صور وشعارات براقة هي السائدة، وغابت الدعاية الانتخابية الجماعية للقوائم الانتخابية، وهو السلوك ذاته الذي امتد ليشمل القوائم الحزبية التي اندفع المترشحون عنها إلى تعليق صورهم الخاصة بهم دون الاهتمام بالترويج لأحزابهم السياسية وائتلافاتهم الانتخابية.
وبقيت أيضا ظاهرة افتتاح المترشحين لمقراتهم الانتخابية الخاصة بهم، حيث لم يتلق الناخبون أي دعوات للمشاركة في افتتاح مقرات لقوائم محلية أو حزبية، وهذا ما يؤكد أن المترشحين لا يزالون على خطى سلفهم الذين خاضوا الانتخابات النيابية السابقة على أساس الصوت الواحد أو الدوائر الانتخابية الصغيرة الضيقة.
وفيما يخص الناخبين، فإن التغيير في سلوكهم الانتخابي كان أكثر وضوحا بالمقارنة مع تصرفات المترشحين الحاليين، فهم وإن كانوا قد شاركوا في الانتخابات الداخلية العشائرية لاختيار ممثليهم القادمين كممارسة انتخابية قديمة، إلا أنهم على دراية ووعي كامل بما يجري حولهم من أحداث وتطورات انتخابية. فالسواد الأعظم منهم قد أعلن رفضه المطلق لمظاهر الدعاية الانتخابية التقليدية التي تشهدها العاصمة عمان والمدن الأردنية، كما أن حضورهم للمقرات الانتخابية وتفاعلهم مع المترشحين لم يكن بالحجم ذاته مقارنة مع الانتخابات السابقة.
إن فلسفة قانون الانتخاب الحالي القائم على أساس توزيع الأصوات بين مترشحين محليين على مستوى محافظات المملكة باعتبارها دوائر انتخابية كقاعدة عامة، وحزبيين يخوضون غمار التنافس على مقاعد الدائرة الانتخابية العامة التي خُصص لها نسبة معينة من مقاعد مجلس النواب سيتم زيادتها مع مرور الوقت، من شأنه أن يضمن التدرج في تغيير السلوك الانتخابي لطرفي العملية الانتخابية.
فمخرجات عملية التحديث السياسي ستظهر نتائجها النهائية بعد سنوات ليست بالقصيرة سنشهد خلالها مجالس نواب متعاقبة يزداد فيها عدد مقاعد الأحزاب السياسية على حساب المترشحين المحليين. فالمقاعد المحلية على مستوى المحافظات سيقل عددها تدريجيا لصالح الأحزاب السياسية، وهذا الأمر من شأنه أن يقلل التنافس على مستوى القوائم المحلية وينقله تباعا للقوائم الحزبية.
إن هذا الانتقال التدريجي في تركيبة مجالس النواب من مترشحي دوائر انتخابية إلى ممثلي أحزاب سياسية، سيستتبعه بالضرورة حدوث تغيير جوهري في عقلية المترشحين وسلوكهم الانتخابي. فهم سيقتنعون بأن فرص وصولهم إلى المجالس النيابية القادمة ستتعاظم في حال عضويتهم في أحزاب سياسية قائمة، وترشحهم ممثلين عنها على مستوى الدائرة الانتخابية العامة، بدلا من الاعتماد على الدوائر الانتخابية المحلية التي سيكون التنافس عليها شديدا بين المترشحين نظرا لقلة المقاعد النيابية المخصصة لها.
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
اقترب يوم العاشر من شهر أيلول المقبل، حيث سيتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس النواب العشرين على مستوى الدوائر المحلية والدائرة الانتخابية العامة، لتنتهي بذلك مراحل العملية الانتخابية بانتظار إعلان النتائج النهائية من قبل مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب ونشرها في الجريدة الرسمية، لكي يبدأ العمر الدستوري لمجلس النواب الجديد.
وإن كانت الانتخابات القادمة ستُجرى بموجب قانون انتخاب جديد أجمعت عليه القوى السياسية والحزبية التي شاركت في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في عام 2021، إلا أن قياس نجاح هذه التجربة يعتمد على عوامل مختلفة أهمها نتائج الانتخابات المقبلة وقدرتها على إيصال نواب يحملون أفكارا وبرامج وطنية مشتركة، سواء من خلال الأحزاب السياسية التي ستتنافس فيما بينها على مقاعد الدائرة الانتخابية العامة، أو القوائم المحلية التي يفترض بها أن تستمر في تكتلها بعد إعلان فوز أعضائها ووصولهم إلى المجلس النيابي القادم.
وتبقى مخرجات الانتخابات المقبلة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسلوك الانتخابي لكل من المترشحين الذين أعلنوا رغبتهم في تمثيل دوائرهم الانتخابية في السلطة التشريعية، والناخبين الذين سيقومون باختيار ممثليهم لممارسة السلطة باسمهم ونيابة عنهم للسنوات الأربعة القادمة.
ومن خلال متابعة مراحل العملية الانتخابية كما أدارتها الهيئة المستقلة للانتخاب بجدارة ومهنية عالية، نجد بأن السلوك الانتخابي قد شهد تغيرا نسبيا طفيفا بالنسبة لطرفي العملية الانتخابية؛ المترشحون والناخبون. فعملية الترشح للانتخابات القادمة قد بقيت محكومة بالإجماع العشائري على مرشح معين دون غيره، وكانت الانتخابات الداخلية هي السمة الأبرز في عملية المفاضلة بين عدد من أفراد العشيرة أو المنطقة الجغرافية الذين أعلنوا رغبتهم في خوض غمار الانتخابات المقبلة.
وبعد أن حصل المرشح على إجماع عشائري ومناطقي بدأت رحلته في البحث عن أفراد آخرين يشاركونه القائمة الانتخابية المحلية، وهي عملية لم تكن سهلة بالنسبة لمعظم المترشحين الذين كانت حساباتهم الانتخابية ومدى استفادتهم من باقي المترشحين في القائمة هي الأساس في قبول التكتل الانتخابي من عدمه. فالقوائم الانتخابية المتنافسة على مقاعد الدوائر المحلية قد تشكلت من القاع إلى القمة وليس بالعكس، مما أدى إلى انعدام الثقة بين معظم المترشحين فيها، وظهر جليا العمل الفردي لكل مترشح على حساب الجهد الكتلوي الجماعي.
كما استمر النهج الانتخابي القديم في مرحلة الدعاية الانتخابية، إذ بقيت صفة التفرد بين المترشحين في الإعلان عن أنفسهم من خلال صور وشعارات براقة هي السائدة، وغابت الدعاية الانتخابية الجماعية للقوائم الانتخابية، وهو السلوك ذاته الذي امتد ليشمل القوائم الحزبية التي اندفع المترشحون عنها إلى تعليق صورهم الخاصة بهم دون الاهتمام بالترويج لأحزابهم السياسية وائتلافاتهم الانتخابية.
وبقيت أيضا ظاهرة افتتاح المترشحين لمقراتهم الانتخابية الخاصة بهم، حيث لم يتلق الناخبون أي دعوات للمشاركة في افتتاح مقرات لقوائم محلية أو حزبية، وهذا ما يؤكد أن المترشحين لا يزالون على خطى سلفهم الذين خاضوا الانتخابات النيابية السابقة على أساس الصوت الواحد أو الدوائر الانتخابية الصغيرة الضيقة.
وفيما يخص الناخبين، فإن التغيير في سلوكهم الانتخابي كان أكثر وضوحا بالمقارنة مع تصرفات المترشحين الحاليين، فهم وإن كانوا قد شاركوا في الانتخابات الداخلية العشائرية لاختيار ممثليهم القادمين كممارسة انتخابية قديمة، إلا أنهم على دراية ووعي كامل بما يجري حولهم من أحداث وتطورات انتخابية. فالسواد الأعظم منهم قد أعلن رفضه المطلق لمظاهر الدعاية الانتخابية التقليدية التي تشهدها العاصمة عمان والمدن الأردنية، كما أن حضورهم للمقرات الانتخابية وتفاعلهم مع المترشحين لم يكن بالحجم ذاته مقارنة مع الانتخابات السابقة.
إن فلسفة قانون الانتخاب الحالي القائم على أساس توزيع الأصوات بين مترشحين محليين على مستوى محافظات المملكة باعتبارها دوائر انتخابية كقاعدة عامة، وحزبيين يخوضون غمار التنافس على مقاعد الدائرة الانتخابية العامة التي خُصص لها نسبة معينة من مقاعد مجلس النواب سيتم زيادتها مع مرور الوقت، من شأنه أن يضمن التدرج في تغيير السلوك الانتخابي لطرفي العملية الانتخابية.
فمخرجات عملية التحديث السياسي ستظهر نتائجها النهائية بعد سنوات ليست بالقصيرة سنشهد خلالها مجالس نواب متعاقبة يزداد فيها عدد مقاعد الأحزاب السياسية على حساب المترشحين المحليين. فالمقاعد المحلية على مستوى المحافظات سيقل عددها تدريجيا لصالح الأحزاب السياسية، وهذا الأمر من شأنه أن يقلل التنافس على مستوى القوائم المحلية وينقله تباعا للقوائم الحزبية.
إن هذا الانتقال التدريجي في تركيبة مجالس النواب من مترشحي دوائر انتخابية إلى ممثلي أحزاب سياسية، سيستتبعه بالضرورة حدوث تغيير جوهري في عقلية المترشحين وسلوكهم الانتخابي. فهم سيقتنعون بأن فرص وصولهم إلى المجالس النيابية القادمة ستتعاظم في حال عضويتهم في أحزاب سياسية قائمة، وترشحهم ممثلين عنها على مستوى الدائرة الانتخابية العامة، بدلا من الاعتماد على الدوائر الانتخابية المحلية التي سيكون التنافس عليها شديدا بين المترشحين نظرا لقلة المقاعد النيابية المخصصة لها.
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
اقترب يوم العاشر من شهر أيلول المقبل، حيث سيتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس النواب العشرين على مستوى الدوائر المحلية والدائرة الانتخابية العامة، لتنتهي بذلك مراحل العملية الانتخابية بانتظار إعلان النتائج النهائية من قبل مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب ونشرها في الجريدة الرسمية، لكي يبدأ العمر الدستوري لمجلس النواب الجديد.
وإن كانت الانتخابات القادمة ستُجرى بموجب قانون انتخاب جديد أجمعت عليه القوى السياسية والحزبية التي شاركت في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في عام 2021، إلا أن قياس نجاح هذه التجربة يعتمد على عوامل مختلفة أهمها نتائج الانتخابات المقبلة وقدرتها على إيصال نواب يحملون أفكارا وبرامج وطنية مشتركة، سواء من خلال الأحزاب السياسية التي ستتنافس فيما بينها على مقاعد الدائرة الانتخابية العامة، أو القوائم المحلية التي يفترض بها أن تستمر في تكتلها بعد إعلان فوز أعضائها ووصولهم إلى المجلس النيابي القادم.
وتبقى مخرجات الانتخابات المقبلة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالسلوك الانتخابي لكل من المترشحين الذين أعلنوا رغبتهم في تمثيل دوائرهم الانتخابية في السلطة التشريعية، والناخبين الذين سيقومون باختيار ممثليهم لممارسة السلطة باسمهم ونيابة عنهم للسنوات الأربعة القادمة.
ومن خلال متابعة مراحل العملية الانتخابية كما أدارتها الهيئة المستقلة للانتخاب بجدارة ومهنية عالية، نجد بأن السلوك الانتخابي قد شهد تغيرا نسبيا طفيفا بالنسبة لطرفي العملية الانتخابية؛ المترشحون والناخبون. فعملية الترشح للانتخابات القادمة قد بقيت محكومة بالإجماع العشائري على مرشح معين دون غيره، وكانت الانتخابات الداخلية هي السمة الأبرز في عملية المفاضلة بين عدد من أفراد العشيرة أو المنطقة الجغرافية الذين أعلنوا رغبتهم في خوض غمار الانتخابات المقبلة.
وبعد أن حصل المرشح على إجماع عشائري ومناطقي بدأت رحلته في البحث عن أفراد آخرين يشاركونه القائمة الانتخابية المحلية، وهي عملية لم تكن سهلة بالنسبة لمعظم المترشحين الذين كانت حساباتهم الانتخابية ومدى استفادتهم من باقي المترشحين في القائمة هي الأساس في قبول التكتل الانتخابي من عدمه. فالقوائم الانتخابية المتنافسة على مقاعد الدوائر المحلية قد تشكلت من القاع إلى القمة وليس بالعكس، مما أدى إلى انعدام الثقة بين معظم المترشحين فيها، وظهر جليا العمل الفردي لكل مترشح على حساب الجهد الكتلوي الجماعي.
كما استمر النهج الانتخابي القديم في مرحلة الدعاية الانتخابية، إذ بقيت صفة التفرد بين المترشحين في الإعلان عن أنفسهم من خلال صور وشعارات براقة هي السائدة، وغابت الدعاية الانتخابية الجماعية للقوائم الانتخابية، وهو السلوك ذاته الذي امتد ليشمل القوائم الحزبية التي اندفع المترشحون عنها إلى تعليق صورهم الخاصة بهم دون الاهتمام بالترويج لأحزابهم السياسية وائتلافاتهم الانتخابية.
وبقيت أيضا ظاهرة افتتاح المترشحين لمقراتهم الانتخابية الخاصة بهم، حيث لم يتلق الناخبون أي دعوات للمشاركة في افتتاح مقرات لقوائم محلية أو حزبية، وهذا ما يؤكد أن المترشحين لا يزالون على خطى سلفهم الذين خاضوا الانتخابات النيابية السابقة على أساس الصوت الواحد أو الدوائر الانتخابية الصغيرة الضيقة.
وفيما يخص الناخبين، فإن التغيير في سلوكهم الانتخابي كان أكثر وضوحا بالمقارنة مع تصرفات المترشحين الحاليين، فهم وإن كانوا قد شاركوا في الانتخابات الداخلية العشائرية لاختيار ممثليهم القادمين كممارسة انتخابية قديمة، إلا أنهم على دراية ووعي كامل بما يجري حولهم من أحداث وتطورات انتخابية. فالسواد الأعظم منهم قد أعلن رفضه المطلق لمظاهر الدعاية الانتخابية التقليدية التي تشهدها العاصمة عمان والمدن الأردنية، كما أن حضورهم للمقرات الانتخابية وتفاعلهم مع المترشحين لم يكن بالحجم ذاته مقارنة مع الانتخابات السابقة.
إن فلسفة قانون الانتخاب الحالي القائم على أساس توزيع الأصوات بين مترشحين محليين على مستوى محافظات المملكة باعتبارها دوائر انتخابية كقاعدة عامة، وحزبيين يخوضون غمار التنافس على مقاعد الدائرة الانتخابية العامة التي خُصص لها نسبة معينة من مقاعد مجلس النواب سيتم زيادتها مع مرور الوقت، من شأنه أن يضمن التدرج في تغيير السلوك الانتخابي لطرفي العملية الانتخابية.
فمخرجات عملية التحديث السياسي ستظهر نتائجها النهائية بعد سنوات ليست بالقصيرة سنشهد خلالها مجالس نواب متعاقبة يزداد فيها عدد مقاعد الأحزاب السياسية على حساب المترشحين المحليين. فالمقاعد المحلية على مستوى المحافظات سيقل عددها تدريجيا لصالح الأحزاب السياسية، وهذا الأمر من شأنه أن يقلل التنافس على مستوى القوائم المحلية وينقله تباعا للقوائم الحزبية.
إن هذا الانتقال التدريجي في تركيبة مجالس النواب من مترشحي دوائر انتخابية إلى ممثلي أحزاب سياسية، سيستتبعه بالضرورة حدوث تغيير جوهري في عقلية المترشحين وسلوكهم الانتخابي. فهم سيقتنعون بأن فرص وصولهم إلى المجالس النيابية القادمة ستتعاظم في حال عضويتهم في أحزاب سياسية قائمة، وترشحهم ممثلين عنها على مستوى الدائرة الانتخابية العامة، بدلا من الاعتماد على الدوائر الانتخابية المحلية التي سيكون التنافس عليها شديدا بين المترشحين نظرا لقلة المقاعد النيابية المخصصة لها.
أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة
التعليقات