كريستين حنا نصر بدأت الحياة التشريعية والبرلمانية في الاردن منذ فترة مبكرة، حيث صدر أول قانون انتخابي بتاريخ 17 يونيو/حزيران 1928م، وبموجبه تمّ تشكيل المجالس التشريعية منذ عام 1929م وحتى عام 1946م وعددها خمسة مجالس، ثم الغي العمل بالمجالس التشريعية بعد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946م، وصدور دستور عام 1947م، والذي تضمن استبدال المجلس التشريعي بمجلس نيابي ، كذلك نص هذا الدستور في المادة 33 منه على أن مجلس الأمة يتألف من مجلسين هما: النواب والأعيان، واستمراراً لنهج التطور التشريعي في الأردن بغية مواكبة المستجدات والتطورات صدر دستور عام 1952م، وهو نقطة تحول مهمة تشمل تعزيز المشاركة الشعبية خاصة بعد وحدة الضفتين عام 1950م وما يتصل بها من ظهور مجلس يضم اعضاء من الاردن وفلسطين، كما منح مجلس الأمة بموجب هذا الدستور صلاحيات أوسع تشمل منحه الاختصاص التشريعي والرقابي والمالي، وعلى اثر حرب عام 1967م واحتلال الضفة الغربية حدث هناك فراغ دستوري تشريعي تم المسارعة الى تجاوزه بصدور قانون المجلس الوطني الاستشاري المؤقت رقم (17) لسنة 1978م، وبالتالي تشكلت ثلاثة مجالس وطنية استشارية حتى عام 1984م، لتعود بعدها الحياة البرلمانية للساحة السياسية الاردنية وتجري الكثير من الاصلاحات وبتوجيهات ملكية سامية، وها نحن اليوم نصل الى محطة تحول ديمقراطي برلماني بارزة على الصعيد الوطني. ان انتخابات عام 2024م التي جرت مؤخراً لها صبغتها الجديدة والمميزة لها عما سبقها من جولات انتخابية، أولاً أنها انتخابات جاءت خلال مرحلة ومنظومة التحديث والاصلاحات السياسية، والتي تمت بموجب ارادة ملكية ضمن حزمة تحديث اصلاحي سياسي واقتصادي واداري شاملة، وهذا التحديث نتج عنه انتخابات نيابية جديدة يغلب عليها الصبغة الحزبية بامتياز، تضمنت فوز عشرة أحزاب في المجلس النيابي الجديد بواقع (104) حزبيين، شمل تفوق حزبي واضح لصالح حزب جبهة العمل الاسلامي ( وهو حزب أردني سياسي اسلامي مستقل تأسس عام 1992م) على مستوى الدائرة الوطنية والمحلية، حاصداً 32 مقعداً نيابياً وبتفوق على جميع الأحزاب الأخرى المشاركة في الانتخابات، والأحزاب الاسلامية لها تاريخ وخبرة مميزة في العمل الحزبي على مدى عقود، وهي خبرة طويلة مقارنة مع الأحزاب الجديدة الناشئة التي هي وليدة اليوم في الأردن بعد التحديث السياسي. هذا التحديث السياسي كان نتيجة التشريعات الصادرة عن المجلس النيابي السابق، وبالطبع جاءت على اثر توافق وحوار مع الحكومة، وقد تضمنت مخرجات هذه التشريعات فتح الباب للأحزاب الجديدة المتعددة بالمشاركة بانتخابات البرلمان العشرين لعام 2024م، وهذا الاستحقاق الدستوري ( الانتخابات) الجديد المميز، أدخل الأردن مرحلة سياسية يمكن القول وبكل صراحة بأنها فريدة من نوعها وجديدة غير معهودة بالبرلمانات السابقة، والأهم عززت من مشاركة المواطن الاردني ودوره في التصويت، كما يظهر لنا نجاح هذا الاستحقاق الدستوري المهم في التاريخ السياسي الاردني حيث ارتفعت معه نسبة المشاركة الانتخابية بنسبة 18% عن الانتخابات السابقة، وهي إن دلت على شيء فانها تدل على مسار ازدياد الثقة الشعبية بالاستحقاق والمساهمة بالبرلمان الجديد لعام 2024م، كما أن التشريعات الجديدة هي الاخرى ساهمت في ازدياد عدد الناخبين ووجود احزاب جديدة كان لها الدور في اضفاء صبغة ونكهة سياسية جديدة، من خلال مشاركة احزاب عديدة منها جبهة العمل الاسلامي والوطني الاسلامي وتقدم والعمل والارض المباركة وعزم ونماء والعمل وارادة وميثاق وغيرها، حيث شكلت الاحزاب ما مجموعه 25 قائمة حزبية ضمت 697 مرشح ومرشحة. وطوال تاريخ الجولات الانتخابية فإن المواطن يتطلع ويأمل الافضل دائماً وعلى كافة الاصعدة، فمن المعلوم أن هناك عوامل مختلفة تجعل المواطن يحظى ببرلمان وحكومة أفضل تلبي الطموح، بمعنى أن ذلك سيكون في حال حصل مستقبلاً على برلمان قوي ينجح في محاسبة ومراقبة أداء الحكومة، خاصة بعد الصلاحيات التي وفرتها له التشريعات الجديدة، ولكن يبقى السؤال هل سيتم عمليا تطبيق الصلاحيات والتشريعات على أرض الواقع وهل ستحكم هذه المحددات العلاقة بين البرلمان والحكومة فعلاً ؟، ان الموضوع الاهم والعلامة الفارقة في برلمان 2024م هي نجاح أحزاب جديدة لم نراها في المجالس السابقة تحت قبة البرلمان، ولكن هذا يجعلنا أمام سؤال مهم وهو هل تملك هذه الأحزاب ما يكفي من الخبرة الحزبية ؟، خاصة انها أحزاب ولدت مؤخراً على الساحة السياسية، الامر الذي سيلقي بمسؤولية ثقيلة على اكتافها للعمل من أجل تلبية طموح المواطن وتطلعاته نحو تنمية وطنية شاملة، فهل تنجح هذه الاحزاب بتقديم برامج وحلول سياسية واجتماعية واقتصادية، تمكن من حلها بما فيها البطالة خاصة بين فئات الشباب، وبالتالي هي أمام اختبار حقيقي يظهر قدرتها على العمل البرامجي التنموي أو سيكشف عن هدف شخصي محدود يتمثل بالرغبة عند الاحزاب وشخوصها للمشاركة في الحكومة القادمة والحصول على مكاسب فردية. اعتقد أن الشعب الذي صوت لهذه الاحزاب ينتظر منها الكثير، فهل ستعمل هذه الاحزاب ووفق استراتيجية اداء مميزة من السعي لكسب تاييد وثقة المواطن الذي صوت لها وانتخبها، فالحزب لا يقتصر على اسم شخص معروف ومشهور بعينه بل هو منظومة متكاملة من الاعضاء والبرامج والعمل، تشمل وجود خبرات سياسية واقتصادية واجتماعية داخله، قادرة على تطبيق رؤية الحزب وبرامجه وبالتالي نجاحه، وبالمحصلة فإن الهدف الأسمى للحزب هو ارضاء المواطن وتحقيق ما يأمله منه وهذا بالطبع يضمن بالمقابل زيادة الثقة وقبول الحزب فنجاح الحزب مرتهن بالشعب وماذا سيقدم له هذا الحزب ولكامل فئاته وأطيافه، وهذه العلاقة المفترضة من شأنها ان تكشف حقيقة لدى المواطن وهي هل استخدمه الحزب فقط من أجل غاية النجاح والوصول الى البرلمان، مما يترتب عليه متابعة من قبل المواطن خاصة من فئة الشباب ومراقبة لاداء الاحزاب وعملها وقدرتها على ممارسة التشريع والمحاسبة، وبالتالي فان المشكلة ستكون هو أن الحزب اذا لم ينجح في تحقيق برامجه وتعهداته للناخبين فانه سيفقد حتماً الثقة به، ولكن ان تجاوز الحزب هذه المشكله ونجح في عمله فانه سيحظى بالتأييد والتقدير واستقطاب وانضمام عناصر جديدة لصفوفه خاصة من الشباب. الواضح من نتائج الانتخابات البرلمانية لعام 2024م هو زيادة مشاركة المرأة ( 27 مقعداً) والشباب( 6 مقاعد دون سن 35 عام ) ، كما أن نزاهة وشفافية الانتخابات واضحة حيث يلاحظ انخفاض ملموس في ظاهرة شراء الاصوات، خاصة أنها تعتبر ممارسة فساد لا يليق ولايجوز قانونياً واخلاقياً اللجوء اليها، ولاشك أن المرشحين رفعوا الكثير من الشعارات والوعود فهل هي للتسويق فقط، اما انها فعلا ستكون برامج يعمل الفائز من النواب على تنفيذها، وكل هذا يقودنا الى القول بان الدورة البرلمانية او الاربع سنوات القادمة ستكون امتحان صعب للغاية للنواب والأحزاب. ان سقف توقعات المواطن مرتفعة تجاه الاحزاب، خاصة في ظل التحديات العديدة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، بما فيها التوترات والصراعات في المنطقة والاقليم، خاصة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني الاخير وتداعياته على الاقتصاد الاردني وقوت ودخل المواطن، فماذا ستقدم الاحزاب من حلول وبرامج لتجاوز هذه المرحلة المثقلة بالازمات والتحديات، وما يتصل بالمجتمع أيضاً من مشكلات أخرى مثل الفقر والبطالة وظاهرة المخدرات وملفات التعليم والصحة وغيرها الكثير، علماً بان هناك حاجة لوجود شراكة ثلاثية بين الحزب والحكومة والشعب، فمن المعلوم ان عمل الحزب ونجاحه مرتبط بالتشاركية مع هذه المكونات (المواطن والسلطة التنفيذية وتمثلها الحكومة والسلطة التشريعية ويمثلها البرلمان)، وبالطبع استنادا وتنفيذا للتوجيهات الملكية نحو الاصلاح والتنمية والتطور.
إن الوقت قد حان للنواب المستقلين والاحزاب الذين فازوا مؤخراً في البرلمان الجديد العشرين سنة 2024م، أن لا يفكروا فقط في أنفسهم ومصالحهم ومكاسبهم الشخصية ، بل أن يفكروا في مصلحة الشعب والوطن وماذا سوف يقدمون لهم، هل سوف يكسبوا ثقة الشعب والذين انتخبوهم أو بالعكس سوف يحصدون نقمة الشعب عليهم اذا خذلوهم؟. المرحلة الجديدة للبرلمان الجديد وفوز الاغلبية من حزب جبهة العمل الاسلامي الذي حتماً سوف يؤثر بالتصويت على قرارات المجلس النيابي لصالحه لأنه حقق الاغلبية وحصل على أعلى عدد من المقاعد 32 مقعداً في البرلمان. المرحلة الجديدة هي وقت الامتحان لأداء الأحزاب الجديدة بكامل توجهاتها.
كريستين حنا نصر بدأت الحياة التشريعية والبرلمانية في الاردن منذ فترة مبكرة، حيث صدر أول قانون انتخابي بتاريخ 17 يونيو/حزيران 1928م، وبموجبه تمّ تشكيل المجالس التشريعية منذ عام 1929م وحتى عام 1946م وعددها خمسة مجالس، ثم الغي العمل بالمجالس التشريعية بعد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946م، وصدور دستور عام 1947م، والذي تضمن استبدال المجلس التشريعي بمجلس نيابي ، كذلك نص هذا الدستور في المادة 33 منه على أن مجلس الأمة يتألف من مجلسين هما: النواب والأعيان، واستمراراً لنهج التطور التشريعي في الأردن بغية مواكبة المستجدات والتطورات صدر دستور عام 1952م، وهو نقطة تحول مهمة تشمل تعزيز المشاركة الشعبية خاصة بعد وحدة الضفتين عام 1950م وما يتصل بها من ظهور مجلس يضم اعضاء من الاردن وفلسطين، كما منح مجلس الأمة بموجب هذا الدستور صلاحيات أوسع تشمل منحه الاختصاص التشريعي والرقابي والمالي، وعلى اثر حرب عام 1967م واحتلال الضفة الغربية حدث هناك فراغ دستوري تشريعي تم المسارعة الى تجاوزه بصدور قانون المجلس الوطني الاستشاري المؤقت رقم (17) لسنة 1978م، وبالتالي تشكلت ثلاثة مجالس وطنية استشارية حتى عام 1984م، لتعود بعدها الحياة البرلمانية للساحة السياسية الاردنية وتجري الكثير من الاصلاحات وبتوجيهات ملكية سامية، وها نحن اليوم نصل الى محطة تحول ديمقراطي برلماني بارزة على الصعيد الوطني. ان انتخابات عام 2024م التي جرت مؤخراً لها صبغتها الجديدة والمميزة لها عما سبقها من جولات انتخابية، أولاً أنها انتخابات جاءت خلال مرحلة ومنظومة التحديث والاصلاحات السياسية، والتي تمت بموجب ارادة ملكية ضمن حزمة تحديث اصلاحي سياسي واقتصادي واداري شاملة، وهذا التحديث نتج عنه انتخابات نيابية جديدة يغلب عليها الصبغة الحزبية بامتياز، تضمنت فوز عشرة أحزاب في المجلس النيابي الجديد بواقع (104) حزبيين، شمل تفوق حزبي واضح لصالح حزب جبهة العمل الاسلامي ( وهو حزب أردني سياسي اسلامي مستقل تأسس عام 1992م) على مستوى الدائرة الوطنية والمحلية، حاصداً 32 مقعداً نيابياً وبتفوق على جميع الأحزاب الأخرى المشاركة في الانتخابات، والأحزاب الاسلامية لها تاريخ وخبرة مميزة في العمل الحزبي على مدى عقود، وهي خبرة طويلة مقارنة مع الأحزاب الجديدة الناشئة التي هي وليدة اليوم في الأردن بعد التحديث السياسي. هذا التحديث السياسي كان نتيجة التشريعات الصادرة عن المجلس النيابي السابق، وبالطبع جاءت على اثر توافق وحوار مع الحكومة، وقد تضمنت مخرجات هذه التشريعات فتح الباب للأحزاب الجديدة المتعددة بالمشاركة بانتخابات البرلمان العشرين لعام 2024م، وهذا الاستحقاق الدستوري ( الانتخابات) الجديد المميز، أدخل الأردن مرحلة سياسية يمكن القول وبكل صراحة بأنها فريدة من نوعها وجديدة غير معهودة بالبرلمانات السابقة، والأهم عززت من مشاركة المواطن الاردني ودوره في التصويت، كما يظهر لنا نجاح هذا الاستحقاق الدستوري المهم في التاريخ السياسي الاردني حيث ارتفعت معه نسبة المشاركة الانتخابية بنسبة 18% عن الانتخابات السابقة، وهي إن دلت على شيء فانها تدل على مسار ازدياد الثقة الشعبية بالاستحقاق والمساهمة بالبرلمان الجديد لعام 2024م، كما أن التشريعات الجديدة هي الاخرى ساهمت في ازدياد عدد الناخبين ووجود احزاب جديدة كان لها الدور في اضفاء صبغة ونكهة سياسية جديدة، من خلال مشاركة احزاب عديدة منها جبهة العمل الاسلامي والوطني الاسلامي وتقدم والعمل والارض المباركة وعزم ونماء والعمل وارادة وميثاق وغيرها، حيث شكلت الاحزاب ما مجموعه 25 قائمة حزبية ضمت 697 مرشح ومرشحة. وطوال تاريخ الجولات الانتخابية فإن المواطن يتطلع ويأمل الافضل دائماً وعلى كافة الاصعدة، فمن المعلوم أن هناك عوامل مختلفة تجعل المواطن يحظى ببرلمان وحكومة أفضل تلبي الطموح، بمعنى أن ذلك سيكون في حال حصل مستقبلاً على برلمان قوي ينجح في محاسبة ومراقبة أداء الحكومة، خاصة بعد الصلاحيات التي وفرتها له التشريعات الجديدة، ولكن يبقى السؤال هل سيتم عمليا تطبيق الصلاحيات والتشريعات على أرض الواقع وهل ستحكم هذه المحددات العلاقة بين البرلمان والحكومة فعلاً ؟، ان الموضوع الاهم والعلامة الفارقة في برلمان 2024م هي نجاح أحزاب جديدة لم نراها في المجالس السابقة تحت قبة البرلمان، ولكن هذا يجعلنا أمام سؤال مهم وهو هل تملك هذه الأحزاب ما يكفي من الخبرة الحزبية ؟، خاصة انها أحزاب ولدت مؤخراً على الساحة السياسية، الامر الذي سيلقي بمسؤولية ثقيلة على اكتافها للعمل من أجل تلبية طموح المواطن وتطلعاته نحو تنمية وطنية شاملة، فهل تنجح هذه الاحزاب بتقديم برامج وحلول سياسية واجتماعية واقتصادية، تمكن من حلها بما فيها البطالة خاصة بين فئات الشباب، وبالتالي هي أمام اختبار حقيقي يظهر قدرتها على العمل البرامجي التنموي أو سيكشف عن هدف شخصي محدود يتمثل بالرغبة عند الاحزاب وشخوصها للمشاركة في الحكومة القادمة والحصول على مكاسب فردية. اعتقد أن الشعب الذي صوت لهذه الاحزاب ينتظر منها الكثير، فهل ستعمل هذه الاحزاب ووفق استراتيجية اداء مميزة من السعي لكسب تاييد وثقة المواطن الذي صوت لها وانتخبها، فالحزب لا يقتصر على اسم شخص معروف ومشهور بعينه بل هو منظومة متكاملة من الاعضاء والبرامج والعمل، تشمل وجود خبرات سياسية واقتصادية واجتماعية داخله، قادرة على تطبيق رؤية الحزب وبرامجه وبالتالي نجاحه، وبالمحصلة فإن الهدف الأسمى للحزب هو ارضاء المواطن وتحقيق ما يأمله منه وهذا بالطبع يضمن بالمقابل زيادة الثقة وقبول الحزب فنجاح الحزب مرتهن بالشعب وماذا سيقدم له هذا الحزب ولكامل فئاته وأطيافه، وهذه العلاقة المفترضة من شأنها ان تكشف حقيقة لدى المواطن وهي هل استخدمه الحزب فقط من أجل غاية النجاح والوصول الى البرلمان، مما يترتب عليه متابعة من قبل المواطن خاصة من فئة الشباب ومراقبة لاداء الاحزاب وعملها وقدرتها على ممارسة التشريع والمحاسبة، وبالتالي فان المشكلة ستكون هو أن الحزب اذا لم ينجح في تحقيق برامجه وتعهداته للناخبين فانه سيفقد حتماً الثقة به، ولكن ان تجاوز الحزب هذه المشكله ونجح في عمله فانه سيحظى بالتأييد والتقدير واستقطاب وانضمام عناصر جديدة لصفوفه خاصة من الشباب. الواضح من نتائج الانتخابات البرلمانية لعام 2024م هو زيادة مشاركة المرأة ( 27 مقعداً) والشباب( 6 مقاعد دون سن 35 عام ) ، كما أن نزاهة وشفافية الانتخابات واضحة حيث يلاحظ انخفاض ملموس في ظاهرة شراء الاصوات، خاصة أنها تعتبر ممارسة فساد لا يليق ولايجوز قانونياً واخلاقياً اللجوء اليها، ولاشك أن المرشحين رفعوا الكثير من الشعارات والوعود فهل هي للتسويق فقط، اما انها فعلا ستكون برامج يعمل الفائز من النواب على تنفيذها، وكل هذا يقودنا الى القول بان الدورة البرلمانية او الاربع سنوات القادمة ستكون امتحان صعب للغاية للنواب والأحزاب. ان سقف توقعات المواطن مرتفعة تجاه الاحزاب، خاصة في ظل التحديات العديدة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، بما فيها التوترات والصراعات في المنطقة والاقليم، خاصة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني الاخير وتداعياته على الاقتصاد الاردني وقوت ودخل المواطن، فماذا ستقدم الاحزاب من حلول وبرامج لتجاوز هذه المرحلة المثقلة بالازمات والتحديات، وما يتصل بالمجتمع أيضاً من مشكلات أخرى مثل الفقر والبطالة وظاهرة المخدرات وملفات التعليم والصحة وغيرها الكثير، علماً بان هناك حاجة لوجود شراكة ثلاثية بين الحزب والحكومة والشعب، فمن المعلوم ان عمل الحزب ونجاحه مرتبط بالتشاركية مع هذه المكونات (المواطن والسلطة التنفيذية وتمثلها الحكومة والسلطة التشريعية ويمثلها البرلمان)، وبالطبع استنادا وتنفيذا للتوجيهات الملكية نحو الاصلاح والتنمية والتطور.
إن الوقت قد حان للنواب المستقلين والاحزاب الذين فازوا مؤخراً في البرلمان الجديد العشرين سنة 2024م، أن لا يفكروا فقط في أنفسهم ومصالحهم ومكاسبهم الشخصية ، بل أن يفكروا في مصلحة الشعب والوطن وماذا سوف يقدمون لهم، هل سوف يكسبوا ثقة الشعب والذين انتخبوهم أو بالعكس سوف يحصدون نقمة الشعب عليهم اذا خذلوهم؟. المرحلة الجديدة للبرلمان الجديد وفوز الاغلبية من حزب جبهة العمل الاسلامي الذي حتماً سوف يؤثر بالتصويت على قرارات المجلس النيابي لصالحه لأنه حقق الاغلبية وحصل على أعلى عدد من المقاعد 32 مقعداً في البرلمان. المرحلة الجديدة هي وقت الامتحان لأداء الأحزاب الجديدة بكامل توجهاتها.
كريستين حنا نصر بدأت الحياة التشريعية والبرلمانية في الاردن منذ فترة مبكرة، حيث صدر أول قانون انتخابي بتاريخ 17 يونيو/حزيران 1928م، وبموجبه تمّ تشكيل المجالس التشريعية منذ عام 1929م وحتى عام 1946م وعددها خمسة مجالس، ثم الغي العمل بالمجالس التشريعية بعد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946م، وصدور دستور عام 1947م، والذي تضمن استبدال المجلس التشريعي بمجلس نيابي ، كذلك نص هذا الدستور في المادة 33 منه على أن مجلس الأمة يتألف من مجلسين هما: النواب والأعيان، واستمراراً لنهج التطور التشريعي في الأردن بغية مواكبة المستجدات والتطورات صدر دستور عام 1952م، وهو نقطة تحول مهمة تشمل تعزيز المشاركة الشعبية خاصة بعد وحدة الضفتين عام 1950م وما يتصل بها من ظهور مجلس يضم اعضاء من الاردن وفلسطين، كما منح مجلس الأمة بموجب هذا الدستور صلاحيات أوسع تشمل منحه الاختصاص التشريعي والرقابي والمالي، وعلى اثر حرب عام 1967م واحتلال الضفة الغربية حدث هناك فراغ دستوري تشريعي تم المسارعة الى تجاوزه بصدور قانون المجلس الوطني الاستشاري المؤقت رقم (17) لسنة 1978م، وبالتالي تشكلت ثلاثة مجالس وطنية استشارية حتى عام 1984م، لتعود بعدها الحياة البرلمانية للساحة السياسية الاردنية وتجري الكثير من الاصلاحات وبتوجيهات ملكية سامية، وها نحن اليوم نصل الى محطة تحول ديمقراطي برلماني بارزة على الصعيد الوطني. ان انتخابات عام 2024م التي جرت مؤخراً لها صبغتها الجديدة والمميزة لها عما سبقها من جولات انتخابية، أولاً أنها انتخابات جاءت خلال مرحلة ومنظومة التحديث والاصلاحات السياسية، والتي تمت بموجب ارادة ملكية ضمن حزمة تحديث اصلاحي سياسي واقتصادي واداري شاملة، وهذا التحديث نتج عنه انتخابات نيابية جديدة يغلب عليها الصبغة الحزبية بامتياز، تضمنت فوز عشرة أحزاب في المجلس النيابي الجديد بواقع (104) حزبيين، شمل تفوق حزبي واضح لصالح حزب جبهة العمل الاسلامي ( وهو حزب أردني سياسي اسلامي مستقل تأسس عام 1992م) على مستوى الدائرة الوطنية والمحلية، حاصداً 32 مقعداً نيابياً وبتفوق على جميع الأحزاب الأخرى المشاركة في الانتخابات، والأحزاب الاسلامية لها تاريخ وخبرة مميزة في العمل الحزبي على مدى عقود، وهي خبرة طويلة مقارنة مع الأحزاب الجديدة الناشئة التي هي وليدة اليوم في الأردن بعد التحديث السياسي. هذا التحديث السياسي كان نتيجة التشريعات الصادرة عن المجلس النيابي السابق، وبالطبع جاءت على اثر توافق وحوار مع الحكومة، وقد تضمنت مخرجات هذه التشريعات فتح الباب للأحزاب الجديدة المتعددة بالمشاركة بانتخابات البرلمان العشرين لعام 2024م، وهذا الاستحقاق الدستوري ( الانتخابات) الجديد المميز، أدخل الأردن مرحلة سياسية يمكن القول وبكل صراحة بأنها فريدة من نوعها وجديدة غير معهودة بالبرلمانات السابقة، والأهم عززت من مشاركة المواطن الاردني ودوره في التصويت، كما يظهر لنا نجاح هذا الاستحقاق الدستوري المهم في التاريخ السياسي الاردني حيث ارتفعت معه نسبة المشاركة الانتخابية بنسبة 18% عن الانتخابات السابقة، وهي إن دلت على شيء فانها تدل على مسار ازدياد الثقة الشعبية بالاستحقاق والمساهمة بالبرلمان الجديد لعام 2024م، كما أن التشريعات الجديدة هي الاخرى ساهمت في ازدياد عدد الناخبين ووجود احزاب جديدة كان لها الدور في اضفاء صبغة ونكهة سياسية جديدة، من خلال مشاركة احزاب عديدة منها جبهة العمل الاسلامي والوطني الاسلامي وتقدم والعمل والارض المباركة وعزم ونماء والعمل وارادة وميثاق وغيرها، حيث شكلت الاحزاب ما مجموعه 25 قائمة حزبية ضمت 697 مرشح ومرشحة. وطوال تاريخ الجولات الانتخابية فإن المواطن يتطلع ويأمل الافضل دائماً وعلى كافة الاصعدة، فمن المعلوم أن هناك عوامل مختلفة تجعل المواطن يحظى ببرلمان وحكومة أفضل تلبي الطموح، بمعنى أن ذلك سيكون في حال حصل مستقبلاً على برلمان قوي ينجح في محاسبة ومراقبة أداء الحكومة، خاصة بعد الصلاحيات التي وفرتها له التشريعات الجديدة، ولكن يبقى السؤال هل سيتم عمليا تطبيق الصلاحيات والتشريعات على أرض الواقع وهل ستحكم هذه المحددات العلاقة بين البرلمان والحكومة فعلاً ؟، ان الموضوع الاهم والعلامة الفارقة في برلمان 2024م هي نجاح أحزاب جديدة لم نراها في المجالس السابقة تحت قبة البرلمان، ولكن هذا يجعلنا أمام سؤال مهم وهو هل تملك هذه الأحزاب ما يكفي من الخبرة الحزبية ؟، خاصة انها أحزاب ولدت مؤخراً على الساحة السياسية، الامر الذي سيلقي بمسؤولية ثقيلة على اكتافها للعمل من أجل تلبية طموح المواطن وتطلعاته نحو تنمية وطنية شاملة، فهل تنجح هذه الاحزاب بتقديم برامج وحلول سياسية واجتماعية واقتصادية، تمكن من حلها بما فيها البطالة خاصة بين فئات الشباب، وبالتالي هي أمام اختبار حقيقي يظهر قدرتها على العمل البرامجي التنموي أو سيكشف عن هدف شخصي محدود يتمثل بالرغبة عند الاحزاب وشخوصها للمشاركة في الحكومة القادمة والحصول على مكاسب فردية. اعتقد أن الشعب الذي صوت لهذه الاحزاب ينتظر منها الكثير، فهل ستعمل هذه الاحزاب ووفق استراتيجية اداء مميزة من السعي لكسب تاييد وثقة المواطن الذي صوت لها وانتخبها، فالحزب لا يقتصر على اسم شخص معروف ومشهور بعينه بل هو منظومة متكاملة من الاعضاء والبرامج والعمل، تشمل وجود خبرات سياسية واقتصادية واجتماعية داخله، قادرة على تطبيق رؤية الحزب وبرامجه وبالتالي نجاحه، وبالمحصلة فإن الهدف الأسمى للحزب هو ارضاء المواطن وتحقيق ما يأمله منه وهذا بالطبع يضمن بالمقابل زيادة الثقة وقبول الحزب فنجاح الحزب مرتهن بالشعب وماذا سيقدم له هذا الحزب ولكامل فئاته وأطيافه، وهذه العلاقة المفترضة من شأنها ان تكشف حقيقة لدى المواطن وهي هل استخدمه الحزب فقط من أجل غاية النجاح والوصول الى البرلمان، مما يترتب عليه متابعة من قبل المواطن خاصة من فئة الشباب ومراقبة لاداء الاحزاب وعملها وقدرتها على ممارسة التشريع والمحاسبة، وبالتالي فان المشكلة ستكون هو أن الحزب اذا لم ينجح في تحقيق برامجه وتعهداته للناخبين فانه سيفقد حتماً الثقة به، ولكن ان تجاوز الحزب هذه المشكله ونجح في عمله فانه سيحظى بالتأييد والتقدير واستقطاب وانضمام عناصر جديدة لصفوفه خاصة من الشباب. الواضح من نتائج الانتخابات البرلمانية لعام 2024م هو زيادة مشاركة المرأة ( 27 مقعداً) والشباب( 6 مقاعد دون سن 35 عام ) ، كما أن نزاهة وشفافية الانتخابات واضحة حيث يلاحظ انخفاض ملموس في ظاهرة شراء الاصوات، خاصة أنها تعتبر ممارسة فساد لا يليق ولايجوز قانونياً واخلاقياً اللجوء اليها، ولاشك أن المرشحين رفعوا الكثير من الشعارات والوعود فهل هي للتسويق فقط، اما انها فعلا ستكون برامج يعمل الفائز من النواب على تنفيذها، وكل هذا يقودنا الى القول بان الدورة البرلمانية او الاربع سنوات القادمة ستكون امتحان صعب للغاية للنواب والأحزاب. ان سقف توقعات المواطن مرتفعة تجاه الاحزاب، خاصة في ظل التحديات العديدة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، بما فيها التوترات والصراعات في المنطقة والاقليم، خاصة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني الاخير وتداعياته على الاقتصاد الاردني وقوت ودخل المواطن، فماذا ستقدم الاحزاب من حلول وبرامج لتجاوز هذه المرحلة المثقلة بالازمات والتحديات، وما يتصل بالمجتمع أيضاً من مشكلات أخرى مثل الفقر والبطالة وظاهرة المخدرات وملفات التعليم والصحة وغيرها الكثير، علماً بان هناك حاجة لوجود شراكة ثلاثية بين الحزب والحكومة والشعب، فمن المعلوم ان عمل الحزب ونجاحه مرتبط بالتشاركية مع هذه المكونات (المواطن والسلطة التنفيذية وتمثلها الحكومة والسلطة التشريعية ويمثلها البرلمان)، وبالطبع استنادا وتنفيذا للتوجيهات الملكية نحو الاصلاح والتنمية والتطور.
إن الوقت قد حان للنواب المستقلين والاحزاب الذين فازوا مؤخراً في البرلمان الجديد العشرين سنة 2024م، أن لا يفكروا فقط في أنفسهم ومصالحهم ومكاسبهم الشخصية ، بل أن يفكروا في مصلحة الشعب والوطن وماذا سوف يقدمون لهم، هل سوف يكسبوا ثقة الشعب والذين انتخبوهم أو بالعكس سوف يحصدون نقمة الشعب عليهم اذا خذلوهم؟. المرحلة الجديدة للبرلمان الجديد وفوز الاغلبية من حزب جبهة العمل الاسلامي الذي حتماً سوف يؤثر بالتصويت على قرارات المجلس النيابي لصالحه لأنه حقق الاغلبية وحصل على أعلى عدد من المقاعد 32 مقعداً في البرلمان. المرحلة الجديدة هي وقت الامتحان لأداء الأحزاب الجديدة بكامل توجهاتها.
التعليقات
برلمان 2024م بصبغته الحزبية ، هل سينجح بجلب ثقة الشعب الأردني ؟
التعليقات