شهد الدولار الأمريكي انخفاضًا ملحوظًا في الأشهر الأخيرة، حيث وصل إلى أدنى مستوى له منذ أبريل 2022. ورغم أن هذا قد يبدو كخبر سيء للوهلة الأولى، إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا خصوصًا مع تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين. بالنسبة للمستثمرين، السؤال هو: هل هذا التحوّل في سعر العملة مفيد أم ضار للأسهم الأمريكية؟ والإجابة ببساطة تتوقف على السياق.
في الظروف العادية، يُعتبر ضعف الدولار مفيدًا للشركات الأمريكية متعددة الجنسيات. فحوالي 40٪ من إيرادات شركات مؤشر S&P 500 تأتي من الأسواق الخارجية. وعندما تُحوّل تلك الإيرادات الأجنبية إلى دولار ضعيف أو منخفض، فإن قيمتها ترتفع، مما يزيد من أرباح تلك الشركات. شركات مثل بروكتر آند جامبل (P&G) تستفيد مباشرة من هذا الأمر. فقد سجلت P&G زيادة بنسبة 12٪ في أرباحها الأساسية للسهم لعام 2025، وهو ما يعود جزئيًا إلى مبيعاتها القوية في الخارج.
يُساهم ضعف الدولار أيضًا في جعل السلع الأمريكية أرخص في الخارج، مما يعزز التصدير والصناعات المحلية. وقد توقعت مؤسسة ING . نموًا بنسبة 3٪ في الإنتاج الصناعي الأمريكي في عام 2025، مشيرة إلى ضعف الدولار كأحد العوامل الداعمة
لكن الوضع يزداد تعقيدًا مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. ففي الفترة الأخيرة، فرضت كل من واشنطن وبكين رسوما جمركية وقيودا جديدة، مما دفع محللين إلى التحذير من أن 'فك الارتباط الاقتصادي بين البلدين يدخل مرحلة متسارعة'، وأن التبادل التجاري بينهما قد ينهار بالكامل خلال بضع سنوات. لقد فرضت الولايات المتحدة قيودًا على تصدير الرقائق الإلكترونية المتقدمة، وردّت الصين بإيقاف تسليم طائرات بوينغ وعلّقت بعض خدمات البريد القادمة من هونغ كونغ إلى الولايات المتحدة. كما يجري في واشنطن حديث جدي عن إجبار الشركات الصينية على الانسحاب من البورصات الأمريكية، بالإضافة إلى فرض قيود على تدفقات رأس المال بين البلدين. وهذه الإجراءات لا تؤثر فقط على التجارة، بل أيضًا على ثقة المستثمرين الأجانب.
في الواقع، انسحب المستثمرون الأجانب من السوق الأمريكية بمبالغ ضخمة في ديسمبر 2024، حيث باعوا أوراقًا مالية أمريكية بقيمة 87 مليار دولار، منها أكثر من 75 مليار دولار من مؤسسات رسمية، مثل البنوك المركزية والصناديق السيادية.
في العادة، يُفترض أن انخفاض الدولار يجعل الأصول الأمريكية أرخص وأكثر جاذبية، لكن مع تزايد عدم اليقين السياسي، يبدو أن المستثمرين أصبحوا أكثر حذرًا. من ناحية أخرى، يُسهم ضعف الدولار في زيادة تكلفة الواردات، مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم. فقد ارتفعت أسعار الواردات الأمريكية بنسبة 2.2٪ في عام 2024، خصوصًا في قطاعات الطاقة والصناعة. كما وتضررت من ذلك شركات الإلكترونيات والصناعات التي تعتمد على سلاسل التوريد الدولية.
أما الأسواق، فقد تأثرت بشكل واضح بهذه التطورات. ففي أبريل 2025، انخفض مؤشر الدولار إلى ما دون 100، بينما تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 4٪ تقريبًا، ما يدل على قلق المستثمرين من المستقبل.
من جهة أخرى، خفضت منظمة التجارة العالمية توقعاتها لنمو التجارة العالمية في 2025 من 3٪ إلى 0.2٪ فقط، وحذرت من أن الانفصال الاقتصادي التام بين الصين وأمريكا قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي العالمي بنسبة تصل إلى 7٪ على المدى الطويل. في الختام، صحيح أن ضعف الدولار قد يفيد بعض الشركات الأمريكية، لكنه لم يعد كافيًا لتعويض الخسائر الناتجة عن التوترات الجيوسياسية، والتضخم، وتراجع ثقة المستثمرين العالميين. ففي عالم يزداد ترابطًا وتقلبًا، لم تعد القاعدة القديمة 'الدولار الضعيف يساوي أرباحًا أكبر' قابلة للتطبيق دائمًا. بل على المستثمرين اليوم أن ينظروا إلى الصورة الأشمل، حيث أصبحت العلاقات الدولية والسياسات التجارية تلعب دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل الأسواق.
د. رنا البحش
شهد الدولار الأمريكي انخفاضًا ملحوظًا في الأشهر الأخيرة، حيث وصل إلى أدنى مستوى له منذ أبريل 2022. ورغم أن هذا قد يبدو كخبر سيء للوهلة الأولى، إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا خصوصًا مع تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين. بالنسبة للمستثمرين، السؤال هو: هل هذا التحوّل في سعر العملة مفيد أم ضار للأسهم الأمريكية؟ والإجابة ببساطة تتوقف على السياق.
في الظروف العادية، يُعتبر ضعف الدولار مفيدًا للشركات الأمريكية متعددة الجنسيات. فحوالي 40٪ من إيرادات شركات مؤشر S&P 500 تأتي من الأسواق الخارجية. وعندما تُحوّل تلك الإيرادات الأجنبية إلى دولار ضعيف أو منخفض، فإن قيمتها ترتفع، مما يزيد من أرباح تلك الشركات. شركات مثل بروكتر آند جامبل (P&G) تستفيد مباشرة من هذا الأمر. فقد سجلت P&G زيادة بنسبة 12٪ في أرباحها الأساسية للسهم لعام 2025، وهو ما يعود جزئيًا إلى مبيعاتها القوية في الخارج.
يُساهم ضعف الدولار أيضًا في جعل السلع الأمريكية أرخص في الخارج، مما يعزز التصدير والصناعات المحلية. وقد توقعت مؤسسة ING . نموًا بنسبة 3٪ في الإنتاج الصناعي الأمريكي في عام 2025، مشيرة إلى ضعف الدولار كأحد العوامل الداعمة
لكن الوضع يزداد تعقيدًا مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. ففي الفترة الأخيرة، فرضت كل من واشنطن وبكين رسوما جمركية وقيودا جديدة، مما دفع محللين إلى التحذير من أن 'فك الارتباط الاقتصادي بين البلدين يدخل مرحلة متسارعة'، وأن التبادل التجاري بينهما قد ينهار بالكامل خلال بضع سنوات. لقد فرضت الولايات المتحدة قيودًا على تصدير الرقائق الإلكترونية المتقدمة، وردّت الصين بإيقاف تسليم طائرات بوينغ وعلّقت بعض خدمات البريد القادمة من هونغ كونغ إلى الولايات المتحدة. كما يجري في واشنطن حديث جدي عن إجبار الشركات الصينية على الانسحاب من البورصات الأمريكية، بالإضافة إلى فرض قيود على تدفقات رأس المال بين البلدين. وهذه الإجراءات لا تؤثر فقط على التجارة، بل أيضًا على ثقة المستثمرين الأجانب.
في الواقع، انسحب المستثمرون الأجانب من السوق الأمريكية بمبالغ ضخمة في ديسمبر 2024، حيث باعوا أوراقًا مالية أمريكية بقيمة 87 مليار دولار، منها أكثر من 75 مليار دولار من مؤسسات رسمية، مثل البنوك المركزية والصناديق السيادية.
في العادة، يُفترض أن انخفاض الدولار يجعل الأصول الأمريكية أرخص وأكثر جاذبية، لكن مع تزايد عدم اليقين السياسي، يبدو أن المستثمرين أصبحوا أكثر حذرًا. من ناحية أخرى، يُسهم ضعف الدولار في زيادة تكلفة الواردات، مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم. فقد ارتفعت أسعار الواردات الأمريكية بنسبة 2.2٪ في عام 2024، خصوصًا في قطاعات الطاقة والصناعة. كما وتضررت من ذلك شركات الإلكترونيات والصناعات التي تعتمد على سلاسل التوريد الدولية.
أما الأسواق، فقد تأثرت بشكل واضح بهذه التطورات. ففي أبريل 2025، انخفض مؤشر الدولار إلى ما دون 100، بينما تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 4٪ تقريبًا، ما يدل على قلق المستثمرين من المستقبل.
من جهة أخرى، خفضت منظمة التجارة العالمية توقعاتها لنمو التجارة العالمية في 2025 من 3٪ إلى 0.2٪ فقط، وحذرت من أن الانفصال الاقتصادي التام بين الصين وأمريكا قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي العالمي بنسبة تصل إلى 7٪ على المدى الطويل. في الختام، صحيح أن ضعف الدولار قد يفيد بعض الشركات الأمريكية، لكنه لم يعد كافيًا لتعويض الخسائر الناتجة عن التوترات الجيوسياسية، والتضخم، وتراجع ثقة المستثمرين العالميين. ففي عالم يزداد ترابطًا وتقلبًا، لم تعد القاعدة القديمة 'الدولار الضعيف يساوي أرباحًا أكبر' قابلة للتطبيق دائمًا. بل على المستثمرين اليوم أن ينظروا إلى الصورة الأشمل، حيث أصبحت العلاقات الدولية والسياسات التجارية تلعب دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل الأسواق.
د. رنا البحش
شهد الدولار الأمريكي انخفاضًا ملحوظًا في الأشهر الأخيرة، حيث وصل إلى أدنى مستوى له منذ أبريل 2022. ورغم أن هذا قد يبدو كخبر سيء للوهلة الأولى، إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا خصوصًا مع تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين. بالنسبة للمستثمرين، السؤال هو: هل هذا التحوّل في سعر العملة مفيد أم ضار للأسهم الأمريكية؟ والإجابة ببساطة تتوقف على السياق.
في الظروف العادية، يُعتبر ضعف الدولار مفيدًا للشركات الأمريكية متعددة الجنسيات. فحوالي 40٪ من إيرادات شركات مؤشر S&P 500 تأتي من الأسواق الخارجية. وعندما تُحوّل تلك الإيرادات الأجنبية إلى دولار ضعيف أو منخفض، فإن قيمتها ترتفع، مما يزيد من أرباح تلك الشركات. شركات مثل بروكتر آند جامبل (P&G) تستفيد مباشرة من هذا الأمر. فقد سجلت P&G زيادة بنسبة 12٪ في أرباحها الأساسية للسهم لعام 2025، وهو ما يعود جزئيًا إلى مبيعاتها القوية في الخارج.
يُساهم ضعف الدولار أيضًا في جعل السلع الأمريكية أرخص في الخارج، مما يعزز التصدير والصناعات المحلية. وقد توقعت مؤسسة ING . نموًا بنسبة 3٪ في الإنتاج الصناعي الأمريكي في عام 2025، مشيرة إلى ضعف الدولار كأحد العوامل الداعمة
لكن الوضع يزداد تعقيدًا مع تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. ففي الفترة الأخيرة، فرضت كل من واشنطن وبكين رسوما جمركية وقيودا جديدة، مما دفع محللين إلى التحذير من أن 'فك الارتباط الاقتصادي بين البلدين يدخل مرحلة متسارعة'، وأن التبادل التجاري بينهما قد ينهار بالكامل خلال بضع سنوات. لقد فرضت الولايات المتحدة قيودًا على تصدير الرقائق الإلكترونية المتقدمة، وردّت الصين بإيقاف تسليم طائرات بوينغ وعلّقت بعض خدمات البريد القادمة من هونغ كونغ إلى الولايات المتحدة. كما يجري في واشنطن حديث جدي عن إجبار الشركات الصينية على الانسحاب من البورصات الأمريكية، بالإضافة إلى فرض قيود على تدفقات رأس المال بين البلدين. وهذه الإجراءات لا تؤثر فقط على التجارة، بل أيضًا على ثقة المستثمرين الأجانب.
في الواقع، انسحب المستثمرون الأجانب من السوق الأمريكية بمبالغ ضخمة في ديسمبر 2024، حيث باعوا أوراقًا مالية أمريكية بقيمة 87 مليار دولار، منها أكثر من 75 مليار دولار من مؤسسات رسمية، مثل البنوك المركزية والصناديق السيادية.
في العادة، يُفترض أن انخفاض الدولار يجعل الأصول الأمريكية أرخص وأكثر جاذبية، لكن مع تزايد عدم اليقين السياسي، يبدو أن المستثمرين أصبحوا أكثر حذرًا. من ناحية أخرى، يُسهم ضعف الدولار في زيادة تكلفة الواردات، مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم. فقد ارتفعت أسعار الواردات الأمريكية بنسبة 2.2٪ في عام 2024، خصوصًا في قطاعات الطاقة والصناعة. كما وتضررت من ذلك شركات الإلكترونيات والصناعات التي تعتمد على سلاسل التوريد الدولية.
أما الأسواق، فقد تأثرت بشكل واضح بهذه التطورات. ففي أبريل 2025، انخفض مؤشر الدولار إلى ما دون 100، بينما تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 4٪ تقريبًا، ما يدل على قلق المستثمرين من المستقبل.
من جهة أخرى، خفضت منظمة التجارة العالمية توقعاتها لنمو التجارة العالمية في 2025 من 3٪ إلى 0.2٪ فقط، وحذرت من أن الانفصال الاقتصادي التام بين الصين وأمريكا قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي العالمي بنسبة تصل إلى 7٪ على المدى الطويل. في الختام، صحيح أن ضعف الدولار قد يفيد بعض الشركات الأمريكية، لكنه لم يعد كافيًا لتعويض الخسائر الناتجة عن التوترات الجيوسياسية، والتضخم، وتراجع ثقة المستثمرين العالميين. ففي عالم يزداد ترابطًا وتقلبًا، لم تعد القاعدة القديمة 'الدولار الضعيف يساوي أرباحًا أكبر' قابلة للتطبيق دائمًا. بل على المستثمرين اليوم أن ينظروا إلى الصورة الأشمل، حيث أصبحت العلاقات الدولية والسياسات التجارية تلعب دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل الأسواق.
التعليقات
ماذا يعني ضعف الدولار الأمريكي والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين للأسهم الأمريكية؟
التعليقات